الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٧٧
صارخات يقلن: ما رضي ابن سعد بقتل الحسين حتى أراد أن يتأمر. فبكى الناس وأعرضوا عنه (1).
ولقد تقدم الإمام الحسين عليه السلام بالنصيحة والموعظة، والدعوة الحقة، قدم كل ذلك قبل أن يتقدم بالسيف يدافع به عن حرم الاسلام المتعرضة إلى الهتك على أيدي بني أمية. وبذلك تكون الشجاعة الحسينية قد امتازت بأن أصبحت موجهة للناس، كاشفة عن الحقائق، مرشدة إلى أداء التكاليف وهذا من أخلاق الحسين عليه السلام، حيث قدم الكلمة على السيف، والتوعية على القتال، والبيان على القيام.. وقد أبى الكثير، فنصحهم ووعظهم، وقال لهم في أنفسهم قولا بليغا.
4 - الموقف الكاشف: إن الشجاعة الحسينية لم تكن مجرد اصطدام ومواجهة وثبات، ولم تكن خصومة تقصد الغلبة الدنيوية، إنما كانت - كما اتضح لنا - جهادا باللسان والسيف، وكانت إقداما ذا هدف رسالي.. لهذا اقترنت الشجاعة الحسينية بالموقف الرسالي، والدليل الشرعي. فأسفر الإمام الحسين سلام الله عليه عن وجهي: الحق والباطل، وأبان للناس أين هو العدل وأين هو الظلم، وما هو الخير وما هو الشر، ومن أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله حتى مع الإغماض عن النصوص النبوية الشريفة؟
عن أبي سلمة قال: حججت مع عمر بن الخطاب، فلما صرنا بالأبطح فإذا بأعرابي قد أقبل علينا فقال: يا أمير المؤمنين! إني خرجت وأنا حاج محرم، فأصبت بيض النعام، فاجتنيت وشويت وأكلت، فما يجب علي؟ قال عمر: ما

1 - مروج الذهب 2: 105 - في أخبار يزيد.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست