الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٥٠
تربية يزيد لم تكن إسلامية خالصة - أو بعبارة أخرى: كانت مسيحية خالصة فلم يبق ما يستغرب معه أن يكون متجاوزا مستهترا مستخفا بما عليه الجماعة الإسلامية، لا يحسب لتقاليدهما واعتقاداتها أي حساب، ولا يقيم لها وزنا، بل الذي نستغرب أن يكون على غير ذلك.
ويقول الأستاذ عمر أبو النصر: أما أستاذ يزيد أو أساتذته إذا كانوا غير واحد.. فإنهم مجهولون، وقد أسف " لامنس " المستشرق اليسوعي لهذا النقص التاريخي (1) لأنه يعتقد أن أستاذ يزيد لا يبعد أن يكون مسيحيا من مشارقة النصارى، خصوصا ويزيد نفسه قد كلف كاهنا مسيحيا بتثقيف ولده خالد.
لقد نشأ يزيد عند أخواله في البادية من بني كلاب، الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الاسلام، وكان مرسل العنان مع شبابهم الماجنين، فتأثر بسلوكهم إلى حد بعيد، فكان يشرب الخمر معهم ويلعب بالكلاب (2).
ويصفه السيد مير علي الهندي مقارنا إياه بأبيه، فيقول: كان يزيد قاسيا غدارا كأبيه، ولكنه ليس بداهية مثله، كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلوماسية الناعمة، وكانت طبيعته المنحلة، وخلقه المنحط لا تتسرب إليهما شفقة ولا عدل، وكان يقتل ويعذب نشدانا للمتعة واللذة التي يشعر بها وهو ينظر إلى آلام الآخرين، وكان بؤرة لأبشع الرذائل، وها هم ندماؤه من الجنسين خير شاهد على ذلك، لقد كانوا من حثالة

1 - معاوية: 359.
2 - كربلاء بين الحقائق والأوهام، لإبراهيم أشكياني: 61 و 62.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست