الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٤٥
يتقيد بشرع الاسلام، فأطبق جيشه على الكوفة وخاطب أهلها قائلا: يا أهل الكوفة! أتروني أقاتلكم على الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون؟! ولكنني قاتلتكم لأتأمر عليكم وعلى رقابكم، وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون. ألا إن كل مال أو دم أصيب في هذه الفتنة فمطلول، وكل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين (1).
وكان ذلك إلغاء صريحا ونقضا فاضحا لبنود وثيقة الصلح، وقد شفع ذلك بتدبير مؤامرة اغتيال الإمام الحسن عليه السلام. فأغرى به زوجته (جعدة بنت الأشعث) فقتلته بالسم، وقد مناها أن يزوجها ابنه يزيد فلم يف لها بذلك بعد جريمتها.
وقد استطاع الإمام الحسن (سلام الله عليه) بوثيقة الصلح أن يفضح معاوية، لعلمه عليه السلام أن معاوية لا يتقيد بشرط، وقد خدع معاوية الناس بادعاءاته، فجاءت وثيقة الصلح فأبانت للناس غدره، حيث توج ابنه (يزيد) خليفة له وملكا على الأمة من بعده، مع أن الوثيقة التي وقعها معاوية تقضي أن يكون الإمام الحسن عليه السلام خليفة المسلمين بعد موت معاوية، فإن توفي الحسن سلام الله عليه قبل معاوية فالإمام الحسين عليه السلام هو ولي الأمر.
حتى إذا استتبت الأمور لمعاوية أظهر ما استبطنه من الأحقاد، فأشاع الإرهاب وأثار الفتن العرقية، والتعصبات الجاهلية، والعنعنات القبلية. وأعمل القتل في موالي علي بن أبي طالب عليه السلام، فكتب إلى قائد من قواد جيوشه: فاقتل كل من لقيته ممن ليس هو على مثل رأيك، واضرب كل ما

1 - شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد 6: 15.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست