الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٣٤
أيامه المباركة قد استدعى حكم الجهاد في سبيل الله تعالى، حيث تمت شروطه، واقتضى الحال نهوضا لا تقية معه، فلا بد أن تقدم الدماء والأنفس دون الدين.
2 - الهدفية: فالشجاعة ما لم تحمل هدفا مقدسا وغاية نبيلة فإنها تهور وإلقاء بالنفس إلى التهلكة، في حين إذا جاءت عن نية مخلصة لله تعالى، وشخصت الهدف الإلهي، آتت ثوابها، وختمت لصاحبها بالشرف الرفيع، وقبول العمل، أو بكلتيهما مع التوفيق للشهادة في سبيل الله عز وجل.
والنية - كما يقول الفقهاء وعلماء الأخلاق - شرط في العبادات كلها، فلا يصح شئ من الأفعال بدون النية.. قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله:
إنما الأعمال بالنيات (1). فإذا ما نوى المرء الرياء فقد حبط عمله، وصارت طاعته معصية.
ومن يشك في نية الإمام الحسين عليه السلام وهو يعلم أنه قادم على معركة يقتل فيها ليحيا الاسلام، وأرض يغدر فيها به لتفيق الأمة؟! وقد صرح بذلك مرات ومرات.. من ذلك أنه سلام الله عليه كتب إلى أخيه محمد بن الحنفية كتابا هذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومن قبله من بني هاشم، أما بعد: فإن من لحق بي استشهد، ومن تخلف لم يدرك الفتح، والسلام (2).
وخطب عليه السلام في مكة قبل سفره إلى كربلاء فقال: كأني بأوصالي

١ - حديث مشهور بين المسلمين، على سبيل المثال يراجع: كنز العمال / الخبر ٧٢٧٢. وبحار الأنوار ٧٠: ٢١١ ح ٣٥، عن غوالي اللآلي. وصحيح البخاري - كتاب الإيمان: ٢٣.
٢ - كامل الزيارات، لابن قولويه: 75.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست