على أن يسخو بنفسه المقدسة الشريفة، فما زال يستقبل أضغان القوم حتى صاح عمر بن سعد: احملوا عليه من كل جانب، فأتته عليه السلام أربعة آلاف نبلة.
ولما عاد يودع عياله ويهدأهم قال عمر بن سعد لأصحابه: ويحكم!
اهجموا عليه ما دام مشغولا بنفسه وحرمه، والله إن فرغ لكم لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم. فحملوا عليه يرمونه بالسهام حتى تخالفت بين أطناب المخيم، فأدهشت النساء وأرعبن، فحمل الحسين عليه السلام عليهم كالليث الغضبان، فلا يلحق أحدا إلا بعجه بسيفه فقتله، ورجع إلى مركزه وهو يكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم (1).
ورماه أبو الحتوف الجعفي بسهم في جبهته.. ولما ضعف عن القتال وقف ليستريح رماه رجل بحجر في جبهته.. ورماه آخر بسهم محدد له ثلاث شعب وقع في قلبه.. أخرج السهم من قفاه، فانبعث الدم كالميزاب، وقال: هكذا أكون حتى ألقى الله وجدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا مخضب بدمي، وأقول: يا جدي! قتلني فلان وفلان (2).
وأعياه نزف الدم فجلس على الأرض، فانتهى إليه مالك بن النسر فشتمه ثم ضربه بالسيف على رأسه (3).. وبقي الحسين عليه السلام مطروحا مليا ولو شاؤوا أن يقتلوه لفعلوا، إلا أن كل قبيلة تتكل على غيرها وتكره