الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٢٩
وللحزم مقدارا، فإن زاد عليه فهو جبن. وللاقتصاد مقدارا، فإن زاد عليه فهو بخل. وللشجاعة مقدارا، فإن زاد عليه فهو تهور (1).
فإذا اعتدلت القوة الغضبية، واتسمت بالعقل كانت شجاعة، وكانت صفة شريفة، وطاقة نافعة.. قال أمير المؤمنين عليه السلام: السخاء والشجاعة غرائز شريفة، يضعها الله سبحانه فيمن أحبه وامتحنه (2)، وقال سلام الله عليه أيضا:
الشجاعة نصرة حاضرة، وقبيلة ظاهرة (3).
ومثل هذه الخصلة النبيلة ضروري أن يتحلى بها الأنبياء صلوات الله عليهم، فهي من الكمالات الشريفة، والفاقد لها مجرد عن الرجولة.. والنبي " محمد " صلى الله عليه وآله هو سيد الأنبياء والمرسلين، فالشجاعة فيه أعلى وأظهر، ولقد وصف بها فقال أنس بن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشجع الناس، وأحسن الناس، وأجود الناس، قال: لقد فزع أهل المدينة ليلة فانطلق الناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وقد سبقهم، وهو يقول: لم تراعوا، وهو على فرس لأبي طلحة وفي عنقه السيف، قال: فجعل يقول للناس: لم تراعوا، وجدناه بحرا أو إنه لبحر (4).
وعن الإمام علي عليه السلام أيضا قال: رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وآله وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا. وعنه عليه السلام قال: كنا إذا أحمر البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا

1 - الدرة الباهرة: 43.
2 - غرر الحكم.
3 - نفسه.
4 - مكارم الأخلاق، للشيخ رضي الدين أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي: 19.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست