السهام كالمطر فأصيب بها صدره، وضربه رجل بالعمود على رأسه ففلق هامته، وسقط على الأرض ينادي: عليك مني السلام أبا عبد الله، فأتاه الحسين عليه السلام فقال: الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي (1).
ورجع الحسين عليه السلام - بعد أن ترك أخاه في مكانه - منكسرا حزينا باكيا يكفكف دموعه بكمه، وقد تدافعت الرجال على مخيمه، وما علموا أن الإمام الحسين عليه السلام لا يدخر شيئا دون دين الله عز وجل. فلما قتل العباس سلام الله عليه التفت الحسين فلم ير أحدا ينصره، ونظر إلى أهله وصحبه فرآهم مجزرين كالأضاحي، وهو إذ ذاك يسمع عويل الأيامى وصراخ الأطفال.. فأمر عياله بالسكوت، وودعهم، وتهيأ للقتال، وقبل أن ينزل إلى المعركة دعا بولده الرضيع عبد الله ليودعه، فأتته به (زينب) وأمه (الرباب)، فأجلسه في حجره يقبله ويقول: بعدا لهؤلاء القوم إذا كان جدك المصطفى خصمهم (2). ثم أتى به نحو القوم يطلب له الماء، فرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فذبحه (3)، فنزل الحسين عليه السلام عن فرسه، وحفر له بجفن سيفه، ودفنه مرملا بدمه (4).
وتقدم الحسين عليه السلام نحو القوم مصلتا سيفه، ودعا الناس إلى البراز، فلم يزل يقتل كل من برز إليه.. حتى قتل جمعا كثيرا (5). وقد عزم