والتهور والجبن كلاهما متطرفان متضادان بين الإفراط والتفريط، ووسطهما الشجاعة، ولكن.. ما هي الشجاعة في نظر علماء الأخلاق؟
يقول الشيخ محمد مهدي النراقي: إن الشجاعة هي طاعة قوة الغضب العاقلة، في الإقدام على الأمور الهائلة، وعدم اضطرابها بالخوض في ما يقتضيها رأيها. ولا ريب في أنها أشرف الملكات النفسية، وأفضل الصفات الكمالية..
وقد وصف الله خيار الصحابة بها في قوله: * (أشداء على الكفار) * (1)، وأمر الله نبيه بها بقوله: * (وأغلظ عليهم) * (2) إذ الشدة من لوازمها وآثارها، والأخبار مصرحة باتصاف المؤمن بها (3).
قال الإمام الصادق عليه السلام: إن المؤمن أشد من زبر الحديد، إن زبر الحديد إذا دخل النار تغير، وإن المؤمن لو قتل ثم نشر، ثم قتل، لم يتغير قلبه (4).
وقال الإمام الكاظم عليه السلام: إن المؤمن أعز من الجبل، الجبل يستفل بالمعاول، والمؤمن لا يستفل دينه بشئ (5).
فالشجاعة إذن من القوى الغضبية العاقلة، التي تترفع من جهة عن الجبن والخوف المذموم، وعن الذلة والدناءة والضعة، ومن جهة أخرى تتريث من التهور والموقف المتعجل والكلمة التي لا تمر بتحليل الفكر الناضج.. قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام: إن للسخاء مقدارا، فإن زاد عليه فهو سرف.