آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٢٨٢
وبذلك نلاحظ أن المفسرين السنيين وإن رجحوا تفسير الآية بالنضر بن الحارث العبدري، ورجحوا أن العذاب الموعود فيها هو قتله في بدر.. لكنهم في نفس الوقت ذكروا تفسيرها بوقوع العذاب على من اعترض على النبي صلى الله عليه وآله لإعلانه ولاية علي عليه السلام من بعده في غدير خم! ومجرد ورود ذلك التفسير في مصادرهم بصفته قولا محترما في تفسير الآية، وإن رجحوا عليه غيره، يدل على وجود إعلان نبوي رسمي بحق علي، ووجود اعتراض عليه!
والمسلم لا يحتاج إلى أكثر من اعتراف المفسرين بذلك، سواء وقعت الصاعقة على المعترض أم لم تقع، وسواء نزلت سورة المعارج عند هذه الحادثة أم لم تنزل!! فلا بد لنا من توجيه الشكر لهم، وإن ناقشناهم في الوجه الآخر الذي رجحوه.
وأهم الإشكالات التي ترد عليهم: أن القول الذي رجحوه إنما هو قول صحابي أو تابعي، ابن عباس ومجاهد، وليس حديثا عن النبي صلى الله عليه وآله، بينما التفسير الشيعي لها حديث مرفوع.
ويرد على تفسيرهم أيضا: أن من المتفق عليه عندهم تقريبا أن السؤال في الآية حقيقي وليس مجازيا، فالنضر بن الحارث، حسب قولهم سأل بالعذاب الواقع، وطلب نزوله فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فعذبه الله في بدر بالقتل.
لكن آية مطر الحجارة هي من سورة الأنفال التي نزلت مع أحكام الأنفال بعد بدر، وبعد قتل النضر.. فكيف يكون جواب قول النضر نزل في سورة مكية قبل الهجرة، ونفس قوله نزل في سورة مدنية، بعد هلاكه؟!
ويرد عليه أيضا: أن قولهم (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأنزل علينا حجارة من السماء) أكثر تناسبا وانطباقا على تفسيرنا، وأصعب انطباقا على تفسيرهم..
لأن معناه على تفسيرهم: اللهم إن كان هذا الدين منزلا من عندك فأمطر علينا حجارة!
ومعناه على تفسيرنا: اللهم إن كان الحكم لآل محمد صلى الله عليه وآله من بعده منزلا من عندك، فأمطر علينا حجارة!
وهذا أكثر تناسبا، لأن الدعاء بحجارة من السماء لا يقوله قائله إلا في حالة اليأس من
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»