مسألة: وإن وافق الإمام يوم عرفة يوم جمعة جهر وهي صلاة جمعة! ويصلي الجمعة أيضا بمنى وبمكة، لأن النص لم يأت بالنهي عن ذلك، وقال تعالى: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع، فلم يخص الله تعالى بذلك غير يوم عرفة ومنى. وروينا ... عن عطاء بن أبي رباح قال: إذا وافق يوم جمعة يوم عرفة، جهر الإمام بالقراءة ... فإن ذكروا خبرا رويناه... عن الحسن بن مسلم قال: وافق يوم التروية يوم الجمعة وحجة النبي عليه السلام فقال: من استطاع منكم أن يصلي الظهر بمنى فليفعل، فصلى الظهر بمنى ولم يخطب... فهذا خبر موضوع فيه كل بلية: إبراهيم بن أبي يحيى مذكور بالكذب متروك من الكل، ثم هو مرسل، وفيه عن ابن الزبير، مع ابن أبي يحيى الحجاج بن أرطاة ، وهو ساقط، ثم الكذب فيه ظاهر، لأن يوم التروية في حجة النبي عليه السلام إنما كان يوم الخميس، وكان يوم عرفة يوم الجمعة، روينا ذلك من طريق البخاري...
فإن قيل: إن الآثار كلها إنما فيها جمع رسول الله عليه السلام بعرفة بين الظهر والعصر ؟
قلنا: نعم وصلاة الجمعة هي صلاة الظهر نفسها! وليس في شيء من الآثار أنه عليه السلام لم يجهر فيها، والجهر أيضا ليس فرضا، وإنما في أن ظهر الجمعة في الحضر والسفر للجماعة ركعتان. انتهى.
وجوابنا لابن حزم: أنه مصادرة على المطلوب، لأن حجته في رد الرواية مجرد مخالفتها لقول عمر بأن يوم عرفة لم يكن يوم جمعة! فلماذا لم يرد قول عمر بقوله الثاني بأن عرفة كانت يوم خميس، وروايته صحيحة؟ أو بقول النسائي والثوري، والأقوال العديدة التي ذكرها الطبري وغيره؟
ولو صح ما قاله من أن النبي صلى الله عليه وآله اعتبر ركعتي الظهر في عرفة صلاة جمعة لأنه جهر فيهما، لاشتهر بين المسلمين أن النبي صلى الله عليه وآله جهر في صلاة الظهر التي لا يجهر بها لتصبح (أتوماتيكيا) صلاة جمعة!
بل إن الرواية التي كذبها وهاجمها بسبب مخالفتها لرواية عمر تنص على أنه صلى الله عليه وآله صلى الجمعة في منى، وهي أقرب إلى حساب سفره صلى الله عليه وآله من المدينة الذي كان يوم الخميس لأربع بقين من ذي القعدة، ووصوله إلى مكة يوم الخميس لأربع مضين من