آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٢٠٠
أقتل في سبيل الله...
استشكل بعض الشراح صدور هذا التمني من النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بأنه لا يقتل ، وأجاب ابن التين بأن ذلك لعله كان قبل نزول قوله تعالى: والله يعصمك من الناس، وهو متعقب فإن نزولها كان في أوائل ما قدم المدينة، وهذا الحديث صرح أبو هريرة بأنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما قدم أبو هريرة في أوائل سنة سبع من الهجرة.
والذي يظهر في الجواب: أن تمني الفضل والخير لا يستلزم الوقوع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: وددت لو أن موسى صبر، كما سيأتي في مكانه، وسيأتي في كتاب التمني نظائر لذلك ، وكأنه صلى الله عليه وسلم أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد وتحريض المسلمين عليه ، قال ابن التين: وهذا أشبه.
وحكى شيخنا ابن الملقن أن بعض الناس زعم أن قوله (ولوددت) مدرج من كلام أبي هريرة ، قال: وهو بعيد. ونحوه في عمدة القاري: مجلد 7 جزء 14 / 95.
هذا بعض ما تجشموه وسودوا به صحفا تفريعا على تحريفهم لمعنى العصمة المقصودة في الآية ..
ونحن نقول: لو ثبت عنه صلى الله عليه وآله أنه تمنى الشهادة.. لكان ذلك تمنيا حقيقيا ، لأنه لا عصمة له من القتل ولا الجرح كما زعموا..
وآية التبليغ إنما تضمن عدم ردة الناس في حياته صلى الله عليه وآله، ولا ربط لها بضمان عدم القتل والجرح والأذى. بل إن قوله تعالى: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل .. الآية، يدل على أنه صلى الله عليه وآله لم يمت موتا طبيعيا لأن الله تعالى أبهم نوع وفاة نبيه وأنها تكون بالموت أو القتل ولا وجه لترديده الأمر بينهما، إلا علمه تعالى بأن وفاة رسوله ستكون قتلا، أو أمرا بين الموت والقتل!
* * وفي الختام.. فقد أكثر المفسرون والشراح السنييون من التخرص في تفسير العصمة في الآية ، وتحيروا فيما يتنافى معها وما لا يتنافى، وتجشموا التأويلات وأكثروا من الظنون والاحتمالات ..
كل ذلك بسبب إصرارهم على أن لآية تعني عصمته صلى الله عليه وآله من القتل والسم والجرح
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»