آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ١٨٨
من الفترة التاريخية التي نزلت فيها السورة!
الملاحظة الثالثة:
أن سبب نزول الآية في مصادرنا سبب واحد، بتاريخ واحد، على نحو الجزم واليقين. أما في مصادر إخواننا السنيين فأسباب متعددة، بتواريخ متناقضة، وعلماؤهم منها في شك وحيرة ، ولم تروها صحاحهم الستة. وفي رواياتهم ما يوافق قول أهل البيت عليهم السلام وإن لم يقبله خلفاء قريش!
وعندما نواجه من كتاب الله تعالى آية يتفق المسلمون على أنها نزلت مرة واحدة في تاريخ واحد، ونجد أنهم يروون تاريخا متفقا عليه، وفيهم أهل بيت نبيهم صلى الله عليه وآله ويروي بعضهم أسبابا أخرى متعارضة مختلفا فيها.. فإن السبب المجمع على روايته يكون أقوى وأحق بالاتباع والفتوى.
* * تقييم الأقوال المخالفة على ضوء الآية في الآية خمس مسائل لا بد من تحديدها لمعرفة السبب الصحيح في نزولها:
المسألة الأولى: في المأمور به في الآية لا يستقيم معنى الآية الشريفة إلا بحمل (أنزل) فيها على الماضي الحقيقي، لأنها قالت (بلغ ما أنزل إليك) ولم تقل: بلغ ما سوف ينزل إليك.. وبيان ذلك: أولا، ظهور الفعل في الماضي الحقيقي، وعدم وجود قرينة توجب حمله على ما سوف ينزله الله تعالى في المستقبل . بل لم أجد استعمال (أنزل) في القرآن لما سوف ينزل أبدا، على كثرة وروده في الآيات .
ثانيا، أن الآية نزلت في آخر شهور نبوته صلى الله عليه وآله، وإذا حملنا الفعل على المستقبل يكون معناها: إنك إن لم تبلغ ما سوف ننزله عليك في هذه الشهور الباقية من نبوتك، فإنك لم تبلغ رسالة ربك أبدا! وهو معنى لم تجئ به رواية، ولم يقل به أحد من علماء الشيعة، ولا السنة!
وإذا تعين حمل لفظ (أنزل إليك) على الماضي الحقيقي، دل على أن الله تعالى كان أنزل على رسوله أمرا ثقيلا، وأمره بتبليغه فكان الرسول يفكر في ثقله على الناس، وفي كيفية
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»