آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ١٥٥
قال في كتاب الأم: 4 / 168:
قال الشافعي رحمه الله: ويقال والله تعالى أعلم: إن أول ما أنزل الله عليه: إقرأ باسم ربك الذي خلق، ثم أنزل عليه بعدها ما لم يؤمر فيه بأن يدعو إليه المشركين، فمرت لذلك مدة. ثم يقال: أتاه جبريل عليه السلام عن الله عز وجل بأن يعلمهم نزول الوحي عليه ويدعوهم إلى الإيمان به فكبر ذلك عليه وخاف التكذيب وأن يتناول، فنزل عليه: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس . فقال يعصمك من قتلهم أن يقتلوك حين تبلغ ما أنزل إليك ما أمر به، فاستهزأ به قوم فنزل عليه: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين. إنا كفيناك المستهزئين. انتهى.
كفي للرد على هذا القول:
أولا، أن الآية من سورة المائدة، وقد تقدم أنها آخر ما نزل من القرآن أو على الأقل من آخر ما نزل، بينما يدعي هذا القول أن الآية من أوائل ما نزل!!
وثانيا، أن الشافعي قد ضعف هذا الوجه، لأنه نقله بصيغة يقال ويقال، ولم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وآله، بل لم يتبناه.
وثالثا، أنه لا يمكن قبول هذه التهمة المشينة للنبي صلى الله عليه وآله، أنه تلكأ أو امتنع عن تبليغ رسالات ربه، بسبب خوفه من التكذيب والأذى والقتل، حتى جاءه التهديد الإلهي بالعذاب، والتأمين من الأذى، فتحرك وبلغ!!
فهذا التصور لا يناسب شخصية المؤمن العادي، فضلا عن النبي المعصوم صلى الله عليه وآله الذي هو أعظم الناس إيمانا وشجاعة, وقد صرحت الآيات الكريمة بأنه كان حريصا على تبليغ الرسالة، وهداية الناس أكثر مما فرض الله تعالى عليه.
رواية (يقال) التي ذكرها الشافعي قال السيوطي في الدر المنثور: 2 / 298 أخرج أبو الشيخ عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعا، وعرفت أن الناس مكذبي فوعدني لأبلغن أو ليعذبني، فأنزل: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. (وكذا في أسباب النزول: 1 / 438).
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يهاب قريشا فأنزل الله
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»