الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٧٥
9. تأويل القرآن ومما كان مشهورا عند إخواننا أهل السنة في صدر الاسلام، هو امكان الرجوع عن ظاهر القرآن الكريم، إذا وجد دليل، وان تحمل الآية على خلاف الظاهر، هذا ما يسمى ب التأويل فكلمة التأويل في القرآن الكريم، كانت تفسر بهذا المعنى.
ومما يشاهد في كتب أهل السنة، ان المناظرات الدينية المختلفة، كانت تؤيد باجماع علماء المذاهب، أو بدليل آخر، فإذا ما خالفت ظاهر آية من الآيات القرآنية، كانوا يلجأون إلى تأويل الآية، حملا لخلاف ظاهرها، وأحيانا كان يلجأ كل من الطرفين المتخاصمين، لقولين متضاربين، إلى الآيات القرآنية، والاحتجاج بها، وكل منهما كان يؤول آية الطرف المتخاصم.
قلما تسرب هذا النوع من الاحتجاج إلى الشيعة، وقد ذكر في بعض كتبهم في علم الكلام ومما يستفاد من الآيات القرآنية وأحاديث أهل البيت بعد تدبرها ان القرآن الكريم مع صراحته ووضوح بيانه، لا يريد ان تكون الآيات مبهمة وتبقى لغزا دون حل، وكل ما جاء إلى الناس من احكام ومسائل، فهي بألفاظ تناسب ذلك الموضوع.
وما يذكره القرآن بكلمة تأويل لم يكن مدلولا للفظ بل حقائق وواقعيات أعلى شأنا من فهم عامة الناس، وهي الأساس للمسائل الاعتقادية والاحكام العملية للقرآن.
نعم ان لكل آيات القرآن تأويلا، ولا يدرك تأويله عن طريق التفكر مباشرة، ولا يتضح ذلك من ألفاظه، وينحصر فهمه وادراكه للأنبياء
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»