الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٧٢
أغراض القرآن بهذه المرحلة، فان في كنه هذه الألفاظ وهذه الأغراض، تستقر مرحلة معنوية، وأغراض أكثر عمقا، والذي يدركه الخواص بقلوبهم الطاهرة المنزهة.
فالنبي العظيم، وهو المعلم الإلهي للقرآن يقول، ظاهر أنيق وباطن عميق 1 ويقول أيضا للقرآن بطن وظهر ولبطنه بطن، إلى سبعة بطون 2، وقد ورد الكثير عن باطن القرآن، في أقوال أهل البيت (ع) 3.
فالأصل في هذه الروايات، هو التشبيه الذي قد ذكره الله تعالى في سورة الرعد الآية 17. يشبه فيه الإفاضات السماوية بالمطر الذي يهطل من السماء بقوله:
انزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله، كذلك يضرب الله الحق والباطل، فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال.
وتشير هذه الآية إلى أن استيعاب الناس وقدرتهم على اكتساب المعارف السماوية والتي تنير النفوس، وتمنحها الحياة متفاوتة.
فهناك من لا يعطي الأصالة لهذا العالم الذي سرعان ما يزول الا للمادة والحياة المادية، ولا يرجو سوى ما تشتهيه نفسه من الحياة المادية، ولا يخشى الا الحرمان منها، وهؤلاء على اختلاف في مراتبهم.
وغاية ما يمكن قبوله من المعارف السماوية، هو الاعتقاد بمجمل من المعتقدات، وأداء احكام الاسلام العملية ظاهرا، ومن ثم عبادة الله جل شأنه

(١) تفسير الصافي صفحة ٤.
(٢) سفينة البحار / تفسير الصافي ص ١٥ / الكافي / معاني الأخبار / وروايات أخرى.
(3) البحار ج 1: 117.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»