2. مدى قدم الشيعة في التفكير الفلسفي والكلامي في الاسلام منذ اليوم الذي انفصلت الأقلية الشيعية عن الأكثرية السنية، كانت الشيعة تقيم الاحتجاج مع مخالفيها في النظريات التي كانت تتبناها، والخاصة بها.
صحيح ان الاحتجاج ذو طرفين، والمتخاصمان شريكان في دعواهم، ولكن الشيعة كانت تقف موقف الهجوم، والآخرون كانوا في موقف الدفاع، فالذي يقف موقف الهجوم يجب ان يكون قد هيأ الوسائل الكافية للمخاصمة، ومن ثم الحملة والهجوم.
وكذا في التقدم الذي حظت به المباحث الكلامية بصورة تدريجية، في القرن الثاني وأوائل القرن الثالث، فقد وصل في رقيه إلى القمة مع انتشار مذهب الاعتزال، فعلماء الشيعة ومحققوهم، والذين هم تلاميذ مدرسة أهل البيت (ع)، كانوا في المقدمة من المتكلمين.
فضلا من أن متكلمي أهل السنة 1، من الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم، يصلون في تدرجهم هذا إلى الامام الأول للشيعة، وهو الإمام علي (ع)، واما أولئك الذين عرفوا آثار الصحابة، واطلعوا عليها، يعلمون جيدا ان من بين جميع هذه الآثار التي تنسب إلى الصحابة (وقد دونت أسماء اثني عشر ألفا) لم نجد أثرا واحدا يشتمل على التفكر الفلسفي. وينفرد الإمام علي (ع) بخطابه وبيانه المبهر في معرفة الله تعالى، بأنه يتصف بالتفكيرات الفلسفية