املا في الثواب وخوفا من العقاب.
وهناك أناس أثر صفاء فطرتهم لا يرون السعادة بالركون إلى لذائذ هذه الحياة بأيامها القليلة الزائلة، وما الفائدة والضرر، والبهجة والبؤس في الحياة هذه الا ظن مغر، وما أولئك الذين كانوا بالأمس سعداء، واصبحوا اليوم قصصا تروى، سوى دروس عبر لهم.
تلقى في أذهانهم باستمرار وعلى الدوام.
وهؤلاء بالطبع يتجهون بقلوبهم المنزهة إلى العالم الأبدي وينظرون إلى هذا العالم بما فيه من مظاهر مختلفة، بأنها دلالات واشارات لا غير، وليست فيها أية أصالة أو استقلال.
وعندما تفتح لهم أبواب من المعرفة والادراك المعنوي للآيات والظواهر الأرضية والسماوية، وتشرق في نفوسهم أنوار غير متناهية من عظمة وجلال الخالق سبحانه، وتعجب نفوسهم وقلوبهم الطاهرة برموز الخليقة اعجابا، فتعرج أرواحهم في الفضاء غير المتناهي للعالم الأبدي بدلا من انغماسها في مصالحها المادية الخاصة.
وعندما يستمعون عن طريق الوحي الإلهي، ان الله تعالى قد نهى عن عبادة الأوثان، وظاهر الآية مثلا التعظيم امام الأصنام، فإنهم يدركون ان العبادة تختص بالله سبحانه، وليس لأحد سواه، لأن حقيقة العبادة هي العبودية المطلقة، وأكثر من هذا فهم يدركون على أن الخوف والرجاء لا يكون الا من الله ولله وحده، ويجب الا يستسلموا لأهواء النفس، ولا يجوز التوجه الا لله تعالى.
وعندما يتلى عليهم حكم وجوب الصلاة، وظاهر الحكم إقامة العبادة الخاصة، لكن بحسب الباطن يدركون ان هذه العبادة يجب ان تتحقق بقلوبهم وبكل وجودهم، وأكثر من هذا يجب ان ينسوا أنفسهم، فهم لا شئ تجاه الخالق، ويتفانوا في عبادة الله وحده.