صائما، وليله قائما عابدا، ويسد رمقه من كسبه وعمله، كان يدعو لمذهب الإسماعيلية، فاستطاع ان يكسب جماعة، ليكونوا له أنصارا وأعوانا، فانتخب منهم اثني عشر شخصا، على أنهم النقباء، ثم خرج من الكوفة متجها إلى الشام، وما عرف عنه شئ.
استخلف هذا الرجل المجهول في العراق، رجلا كان يدعى احمد ويعرف بالقرمط، فبث تعاليم الباطنية، وكما يشير المؤرخون بأنه ابتدع صلاة جديدة، بدلا من الصلوات الخمس في الاسلام، وألغى غسل الجنابة، وأباح شرب الخمر. وظهر في نفس العصر، زعماء آخرون يدعون إلى الباطنية، جلبوا جماعة من الناس حولهم.
فكان هؤلاء يتعرضون لأنفس وأموال من لا يعتنق مذهب الباطنية، واستمروا في حركتهم هذه في العراق والبحرين واليمن والشام، قتلوا الأبرياء، ونهبوا الأموال، وسلبوا قوافل الحجيج، سفكوا دماء الآلاف منهم، ونهبوا أمتعتهم وراحلتهم.
استولى أبو طاهر القرمطي أحد زعماء الباطنية على البصرة سنة 321 هجري، فقتل الناس، ونهب الأموال، ثم اتجه إلى مكة مع جمع من الباطنية سنة 317 هجري، وبعد صراع مع افراد الشرطة، دخل مكة، فقتل أهلها، والحجاج الواردين إليها، فسالت الدماء في بيت الله الحرام والكعبة، قسم ستار الكعبة بين أنصاره، قلع باب الكعبة، اقتلع الحجر الأسود من مكانه، نقله إلى اليمن بقي هناك عند القرامطة مدة اثنين وعشرين عاما.
على أثر هذه الأعمال، أبدى عامة المسلمين تذمرهم وتنفرهم من الباطنية، واعتبروهم خارجين عن دين الاسلام، حتى عبيد الله المهدي أحد ملوك الفاطميين، الذي كان قد ظهر في إفريقية، وادعى لنفسه المهدوية، وانه المهدي الموعود، وامام الإسماعيلية، قد تبرى أيضا من القرامطة آنذاك.
وحسب ما يقره المؤرخون ان المعيار الديني للباطنية هو تأويل