أستاذي الصالحة - التي لم ترع لها الحكومة الإيرانية حرمة ولم تقدر مقامه العلمي وخدماته الكبرى - وبادرت للكتابة إلى الشخصيات العلمية والسياسية اللبنانية التي كانت لي صلة بها للتوسط بشأنه لدي السلطات الإيرانية، وكان في طليعة أولئك الإمام الأكبر السيد عبد الحسين شرف الدين، والحجة الشيخ حبيب آل إبراهيم مفتي الديار البعلبكية، والعلامة الظاهر، وعطوفة الأستاذ عادل عسيران - الذي كانت له صداقة شخصية مع شاه إيران - والزعيم النائب يوسف الزين، وغيرهم، وجرت اتصالات رسمية وشخصية مع الحكومة الإيرانية، وتبودلت بيني وبين الوسطاء مراسلات عديدة كونت ملفا، وقد وقف الجميع موقفا حازما ووديا ما عدا العلامة الحبيب - الذي تخلص من الموضوع بدبلوماسية في رسالة كتبها لي - وكلهم مشكورون على عواطفهم وألطافهم لكن المترجم له كان أطول الجميع نفسا وأكثرهم استجابة واندفاعا ومطالبة وإلحاحا، فقد وقف من الموضوع موقفا حازما، وأجرى اتصالات واسعة مع جهات عديدة، مما دعا شيخنا الإمام لتسجيل شكره له، فقد كتب يقول:
" والمترجم له من أعز أصدقائنا ومن أشرفهم نفسا وأطهرهم ضميرا، وهو مثال الأخوة والوفاء والصدق وحب الخدمة، اتفق لنا حادث في بيروت يعود إلى السلطات، فكتب له بعض تلامذتنا، فوقف وقفة قد لا يقفها الأخ لأخيه، وبقي على اتصال بالسلطات العالية حتى أجابته، وإنا وإن لم نقف على ضالتنا المنشودة إلا أننا نشكر للشيخ الشريف شهامته وصدق إخوته، والمكافئ هو الله " (1).
وكنت قمت بذلك وغيره من الاتصالات بشخصيات أخرى غير لبنانية، وأنا أظن أن الدكتور لا يزال على على قيد الحياة ورهن التحقيق، وتبين لي بعد ذلك بزمن أنه قتل تحت التعذيب في سجن " قزل قلعة " الرهيب في اليوم الثاني لوصوله، وذهبت الجهود سدي... وقد شرح والده الشيخ بعد ذلك قصة قتل ولده بصورة مفصلة (2).