القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٧٤
المتكلم شيخ الإسلام السيد عبد الحسين شرف الدين (1) قدس الله نفسه، واقترح أن يرتقي عددها إلى ست وثلاثين فامتثل الظاهر أمره.
وقد نشرته " المكتبة العصرية " في صيدا عام 1373 ه‍ = 1954 م وكانت لبعض ذوي قرباه يد في طبعه شكر منهم في آخره نجيب نصار - أحد مؤسسي

(١) من قمم الفكر الاسلامي المعاصر، ورجالات المسلمين الأكفاء والشخصيات الإنسانية المدهشة، لم يقتصر جهاده، على ميدان دون آخر، فهو رجل وطنية وكفاح للاستعمار، هدم الفرنسيون عند احتلالهم لبنان داره، وأحرقوا مؤلفاته، وحكموا عليه بالإعدام، فخرج إلى الشام متخفيا، فكان له دوره البارز في الحركة العربية كما هو معروف في تاريخ بلاده.
وهو رجل نهضة ثقافية، بنى النوادي فربت شبابا تحمل الدعوة إلى دين الله، وشاد المدارس والكليات للذكور والإناث فتخرجت منها أجيال واعية لرسالتها.
وهو رجل إنسانية ومحبة وتسامح لم يعرف الطائفية والتعصب، فقد وقف إلى جانب المسيحيين وقوفه إلى جانب المسلمين، وحنا على السنة حنوه على الشيعة، فكان للبنانيين جميعا دون تفريق، ولما مات بكاه الجميع على حد سواء.
وهو رجل علم وبصيرة ندر نظيره في عصره وقبل عصره بكثير، فقد عمد إلى التاريخ الاسلامي فغربله غربلة العالم المدقق، وفحصه فحص الناقد الخبير، فأوضح الحق من الباطل، وماز الصحيح من السقيم، وكشف الزيف والدجل، وفضح الكذب والبهتان، وجلا الحقائق ناصعة كالشمس دون ميل إلى عاطفة أو تحيز لعقيدة أو تعصب لمذهب، فكان الرائد الأول في هذا المجال الفكري المهم، و " المراجعات " و " الفصول المهمة " و " أبو هريرة " و " النص والاجتهاد " و " إلى المجمع العلمي العربي بدمشق " وغيرها من مؤلفاته أكبر شاهد على ذلك.
تميز بعقل راجح، ونظر بعيد، وثقافة عالية، وفكر خلاق، وإرادة حديدية، وجرأة نادرة، لم ينكص أمام جبروت الباطل وإن طغى واستفحل، ولم يتزعزع خوف الحاكم والظالم مهما علا وتجبر، ولم يصب عزيمته خور في الجهر بالحق وإن كلفه ثمنا باهظا... ولم يتقرب إلى الملوك والرؤساء وإن ضبطوا وده واستمالوه، وقد كتبت عنه في باب " شخصية العدد " في مجلتي " المعارف، عدد ٩ و ١٠ / س ٢ / رجب وشعبان ١٣٨٠ ه‍ = كانون الثاني وشباط ١٩٦١ م " وذكرت قصته مع شاه إيران ورده عليه... كما نشرت بخطه آخر رسالة تلقيتها منه قبل وفاته ب‍ ٤٣ يوما.
توفي عام ١٣٧٧ ه‍ = ١٩٥٧ م فأبنه أساطين العلم والأدب والسياسة وغيرهم في لبنان وغيره، واحتفلت بأربعينه الجمعيات في مختلف بلاد المسلمين، ورثيته بقصيدة وأرخت وفاته بقولي من أبيات:
عميد الشريعة قد غربا * ونور علوم الهدى قد خبا ومات زعيم الجهاد الكبير * ففرق قومي أيدي سبا إلى الله قد سار عبد الحسين * وصدع صرح العلوم النبأ أصبت شريعة طه فأرخ * " به ولقد أيتم المذهبا "
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 79 81 ... » »»
الفهرست