الحمد لله الذي أقادني منك. وضربته ضربة لم تغن شيئا، فقال لي: أما ترى في خدش تخدشنيه وفا من دمك أيها العبد؟ فقال ابن زياد: أوفخرا عند الموت؟ ثم قال: إيه. قال: وضربته الثانية فقتلته، ثم أمر ابن زياد فقتل هاني وجملة من المحبوسين، وجرت جثتا مسلم وهاني بحبلين في الأسواق (1).
وقتل مسلم في اليوم الثامن من ذي الحجة يوم خروج الحسين (عليه السلام) من مكة.
قال أبو مخنف: وحدث عبد الله بن سليم والمذري بن المشمعل الأسديين قالا:
لما قضينا حجنا لم يكن لنا همة إلا اللحاق بالحسين في الطريق لننظر ما يكون من أمره وشأنه، فأقبلنا ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتى لحقناه بزرود (2)، فلما دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين، قالا: فوقف الحسين كأنه يريده، ثم تركه ومضى، فقال أحدنا لصاحبه: إمض بنا إليه لنسأله عن خبر الكوفة، فانتهينا إليه وسلمنا وانتسبنا، فإذا هو بكير بن المثعبة الأسدي فاستخبرناه عن الكوفة فقال: ما خرجت حتى رأيت مسلما وهانيا قتيلين يجران بأرجلهما في السوق. ففارقناه ولحقنا بالحسين، فسلمنا عليه وسايرناه، حتى نزل الثعلبية ممسيا فدخلنا عليه وقلنا له: يرحمك الله إن عندنا خبرا إن شئت حدثناك به علانية وإن شئت سرا. فنظر إلى أصحابه وقال: ما دون هؤلاء سر. فقلنا: أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس؟ قال: نعم، وقد أردت مسألته. فقلنا قد استبرأنا لك خبره، وكفيناك مسألته وهو امرؤ من أسد منا ذو رأى وصدق وفضل وعقل، وإنه حدثنا بكيت وكيت. فاسترجع وقال: رحمة الله عليهما وكررها مرارا. فقلنا ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلا انصرفت فإنه ليس لك بالكوفة ناصر، بل نتخوف أن