شاء الله. وأقبل مسلم حتى دخل الكوفة فنزل دار المختار بن أبي عبيد فحضرته الشيعة واجتمعت له، فقرأ عليهم كتاب الحسين (عليه السلام) الذي أجابهم به، فأخذوا يبكون وخطبت بمحضره خطباؤهم كعابس الشاكري، وحبيب الأسدي، فبلغ ذلك النعمان ابن بشير الأنصاري - وكان عامل يزيد على الكوفة - فخرج وخطب الناس وتوعدهم ولان في كلامه، فقام إليه عبد الله بن مسلم بن سعيد الحضرمي حليف بني أمية فأنبه وخرج، فكتب هو وعمارة بن عقبة إلى يزيد بأمر النعمان وأنه ضعيف أو يتضاعف، وأخذ الناس يبايعون مسلما حتى انتهى ديوانه إلى ثمانية عشر ألف مبايع أو أكثر، فكتب إلى الحسين (عليه السلام) بذلك مع عابس بن أبي شبيب الشاكري وسأله الإعجال بالقدوم عليه، لاشتياق الناس إليه. ولما بلغ ذلك يزيد استشار ذويه فيمن يوليه، فأشار عليه سرجون مولى أبيه بعبيد الله بن زياد وأخرج إليه عهد أبيه فيه، فولاه وكتب إليه بولاية المصرين مع مسلم بن عمرو الباهلي. فسار مسلم حتى ورد البصرة. وقد كان الحسين (عليه السلام) كتب إلى أهل البصرة مع مولاه سليمان، فصلبه عبيد الله وتهدد الناس، وخلف مكانه أخاه عثمان وخرج إلى الكوفة، وأخرج معه شريك بن الأعور، ومسلم بن عمرو وجماعة من خاصته، فساروا فجعل شريك يتساقط في الطريق ليعرج إليه عبيد الله فيقيم عليه فيبادر الحسين (عليه السلام) الكوفة قبل دخولهم فيتمكن من الناس، ولكن الحسين لم يكن خرج من مكة كما ظن شريك، وعبيد الله لم يعرج على شريك كلما سقط كما زعم، فدخل الكوفة قبل أصحابه، فظن الناس أنه الحسين (عليه السلام) لتشبهه به لباسا وتلثمه، فدخل القصر والنعمان يظنه الحسين، والناس تقول له مرحبا بابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتتبعه، فسد النعمان باب القصر، فصاح به افتح لا فتحت، فعرفه وفتح الباب وعرفها الناس كلمة عبيد الله فانكفأوا وانكفوا، وبات مسلم والناس حوله. فلما أصبح دخل شريك الكوفة فنزل على هاني بن عروة فزاره مسلم وعاده، فقال لمسلم: أرأيت لو عادني عبيد الله أكنت
(٨٠)