قال: " يا أبت، إذن لا نبالي نموت محقين " فقال له: " جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده " (1).
قال أبو الفرج (2) وغيره: وكان أول من قتل بالطف من بني هاشم بعد أنصار الحسين (عليه السلام) علي بن الحسين (عليهما السلام)، فإنه لما نظر إلى وحدة أبيه تقدم إليه وهو على فرس له يدعى ذا الجناح، فاستأذنه للبراز - وكان من أصبح الناس وجها، وأحسنهم خلقا - فأرخى عينيه بالدموع وأطرق ثم قال: " اللهم اشهد أنه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه، ثم صاح: " يا بن سعد، قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظني في رسول الله (صلى الله عليه وآله) "، فلما فهم علي الإذن من أبيه شد على القوم وهو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي والله لا يحكم فينا ابن الدعي فقاتل قتالا شديدا، ثم عاد إلى أبيه وهو يقول: يا أبت، العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد أجهدني، فبكى الحسين (عليه السلام) وقال: " وا غوثاه أنى لي الماء، قاتل يا بني قليلا واصبر، فما أسرع الملتقى بجدك محمد (صلى الله عليه وآله) فيسقيك بكأسه الأوفى شربة لا تظمؤ بعدها أبدا ". فكر عليهم يفعل فعل أبيه وجده. فرماه مرة بن منقذ العبدي بسهم في حلقه (3).
وقال أبو الفرج: قال حميد بن مسلم الأزدي: كنت واقفا وبجنبي مرة بن منقذ، وعلي بن الحسين يشد على القوم يمنة ويسرة فيهزمهم، فقال مرة علي آثام العرب