الواحد بعد الآخر، فلم يبق بعدهم إلا جيل من الخطباء توجه إلى الجديد في محفوظة، وإذا كان يحفظ من أشعار سيدنا الرضا وأضرابه من أهل زمانه، فلا يحفظ منها إلا القليل، وهكذا انطوت في صدور الراحلين قصائد لا يعلم عددها إلا الله سبحانه، وأكثر أولئك الراحلين، رحمهم الله، لم يتركوا مجاميع مكتوبة بمحفوظاتهم، أو أن ذويهم لم يحتفظوا بتلك المجاميع.
ولسيدنا الرضا، رحمه الله، قصائد نظمها لإخوانه وأصدقائه يمدحهم أو يهنئهم أو يعزيهم أو يرثيهم، وتلك القصائد - في العادة - تلقى على جمع المحتفلين ثم يأخذ المعني بالمناسبة أصلها، ليضمه إلى مفاخر أسرته وتراثها الذي تعتز به، وكثير من قصائد السيد الرضا موجود لدى الأسر العلمية في النجف وغيرها، ولكن الحصول عليه أمر في غاية الصعوبة لاعتبارات عديدة، منها عدم استجابة من نتوجه إليه بالطلب.
وهذه الحقائق مجتمعة تؤكد ما ذهبنا إليه من أن الشعر المجموع في هذا الديوان، ليس كل ما نظمه سيدنا الرضا، رحمه الله، وأن الكثير منه قد ضاع، مما حدا بابن عمنا المرحوم الأستاذ السيد موسى الموسوي، إلى جمع ما وقعت عليه يده، وكان أكثر ما اعتمد عليه في ذلك، المجاميع والأوراق المتناثرة في خزانة كتب العلامة المرحوم خالنا السيد أحمد أكبر أبناء سيدنا الرضا، والذي كان هو الآخر يحاول جمع أشعار والده، لولا مسؤوليات مركزة الديني وأعباء حياته اليومية.
لقد أمضى المرحوم السيد موسى الموسوي أعواما يتصل فيها جهده وينقطع، حتى ظن أن ما صار بيديه هو ديوان السيد الرضا، وكان ينسخ كل قصيدة أو قطعة في مجموع له، لم يراع فيه الأغراض