لها، كندائه إيها ب " يا حبيبة أبيها ".
كما روى الطبري الإمامي عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام، عن فاطمة عليها السلام قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا حبيبة أبيها كل مسكر حرام وكل مسكر خمر (2)، وليعلم أنه قد حقق في محله أن محبة المقربين لأولادهم وأقربائهم وأحبائهم ليست من جهة الدواعي النفسانية والشهوات البشرية، بل تجردوا عن جميع ذلك، وأخلصوا حبهم، وإرادتهم لله، فهم ما يحبون سوى الله تعالى، وحبهم لغيره تعالى: إنما يرجع إلى حبهم له. ولذا لم يحب يعقوب عليه السلام من سائر أولاده مثل ما أحب يوسف عليه السلام وهم لجهلهم بسبب حبه نسبوه إلى الضلال وقالوا: نحن عصبة ونحن أحق بأن نكون محبوبين له لأنا أقوياء على تمشية ما يريده من أمور الدنيا، ففرط حبه ليوسف إنما كان لحب الله تعالى له واصطفائه إياه، ومحبوب المحبوب محبوب.
روى الشيخ الكليني عطر الله مرقده عن محمد بن سنان قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فأجريت اختلاف الشيعة، فقال يا محمد: إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا بوحدانيته، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة صلوات الله عليهم فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوض أمورها إليهم، فهم يحلون ما يشاؤن [ويحرمون ما يشاؤون] ولن يشاؤا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى، ثم قال: " يا محمد هذه الديانة من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها محق ومن لزمها لحق، خذها إليك يا محمد " (3).
أقول: فظهر من هذا الحديث الشريف، إن فاطمة صلوات الله عليها ممن فوض الله تعالى أمور جميع الأشياء إليهم، فهي تحل ما تشاء وتحرم ما تشاء.