مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٣٨١
التقرب إليه بالبكاء على الحسين (عليهما السلام) السادس والسبعون البكاء في مصيبة مولانا الشهيد المظلوم أبي عبد الله الحسين: لأنه مما يحصل به أداء حق الإمام، ولا ريب أن أداء حقه من أعظم ما يتقرب به إليه وأهمه.
- وبيان ذلك: إنه قد روى الشيخ الثقة الأجل جعفر بن محمد بن قولويه القمي (رضي الله عنه) في كتاب كامل الزيارات (1) بإسناده عن الصادق (عليه السلام)، في حديث طويل في فضل البكاء على الحسين (عليه السلام)، قال: وما عين أحب إلى الله ولا عبرة من عين بكت ودمعت عليه، وما من باك يبكيه إلا وقد وصل فاطمة وأسعدها عليه ووصل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأدى حقنا، وما من عبد يحشر إلا وعيناه باكية إلا الباكين على جدي فإنه يحشر وعيناه قريرة، والبشارة تلقاه والسرور على وجهه، والخلق في الفزع، وهم آمنون، والخلق يعرضون وهم حداث الحسين (عليه السلام) تحت العرش، وفي ظل العرش لا يخافون سوء الحساب يقال لهم: ادخلوا الجنة، فيأبون، ويختارون مجلسه وحديثه، وإن الحور لترسل إليهم: إنا قد اشتقناكم مع الولدان المخلدين، فما يرفعون رؤوسهم، إليهم لما يرون في مجلسهم من السرور والكرامة، الحديث.
والدليل على ما ذكرناه أن قوله (عليه السلام): وأدى حقنا، يفيد أن البكاء على الحسين (عليه السلام) أداء حق صاحب الأمر وسائر الأئمة سلام الله عليهم أجمعين، ولعل السر في ذلك أن تسلية المؤمنين أخلاف من مضى منهم تكريم وتعظيم لهم، وتودد إليهم، ومساعدة معهم بالشركة في مصيبتهم وهذه الجملة من حقوق المؤمنين بعضهم على بعض فإن للمؤمن إذا مضى لسبيله آدابا، أمر الشرع بمراعاتها وهي صنفان صنف يؤدى به حق الميت وهو تشييعه، وزيارة قبره، والاستغفار له والتصدق عنه، والصلاة عليه وذكره بالخير، وأمثالها، وصنف يؤدى به حق الأحياء الباقين بعده، وهو زيارتهم، وتعزيتهم والدعاء لهم وموافقتهم في الحزن والمصيبة، وبعث الطعام إليهم، وأمثالها مما هو صلة لهم، وإحسان إليهم. ولا ريب في أن حق الإمام في ذلك أعظم من سائر الأنام. فإذا بكى المؤمن في مصيبة مولانا المظلوم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، أدى حق الإمام الباقي بعده في تلك الواقعة الفاجعة، لأنه موافقة له،

(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»