مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٢٢١
ويرد على هذا القائل نقض آخر على مذهبه وهو أن مقتضى ما أقام من الدليل على مختاره لو تم لزوم القول بوجوب المبايعة بالمصافقة على جميع الناس في جميع الأزمنة، لأن أمر النبي (صلى الله عليه وآله) كان على وجه الإيجاب على الحاضرين، فمقتضى أصالة الاشتراك في التكليف بزعمه يوجب القول بالوجوب على الغائبين والمعدومين في زمانه (صلى الله عليه وآله) وهذا القائل غير ملتزم به كما عرفت كلامه.
تبصرة قد اتضح بما ذكرناه فساد ما تداول على ألسنة بعض الصوفية، وتعارف بينهم من وجوب البيعة مع الشيخ، ومصافقة يده، وزعموا أن مبايعة الشيخ واجبة، وأنها جزء الإيمان، والإيمان لا يتحقق بدونه، وسموا هذه البيعة بالبيعة الولوية، وبالبيعة الخاصة الإيمانية، وجعلوا الأخذ بالبيعة من خصائص مشايخ الصوفية ومناصبهم.
وقالوا: إن الأخذ بالبيعة لا يجوز إلا لمن كان له إجازة ذلك من مشايخهم بطرقهم المقررة المثبتة عندهم وهذا من أصولهم التي اتخذوها أساسا للرئاسة، وشبكة لاصطياد العوام، الذين هم كالأنعام، وقد تكرر ذكر هذه البيعة ووجوبها وعدم تحقق الإيمان بدونها في كلام بعض رؤسائهم في تفسيره المسمى ببيان السعادة، ولا بأس بنقل بعض كلماته، ثم التكلم عليه بما سنح لنا بتأييد الله عز وجل ليكون الناظر على بصيرة من أمرهم.
قال في تفسير سورة يونس: في عدم جواز أخذ البيعة من غير إجازة من المشايخ قال:
كما اجترأ المتشبهة المبطلة بالصوفية فدخلوا في ذلك من غير إذن من مشايخ المعصومين إلى أن قال: وكذا الصوفية المحقة لا يدخلون في الأمر والنهي، وبيان الأحكام والاستغفار للخلق وأخذ البيعة منهم إلا إذا أجيزوا، وسلاسل إجازاتهم مضبوطة عندهم. وقال في تفسير سورة التوبة بعد كلام له في وجوب البيعة في كل زمان من الأزمنة ولزوم التعلق بيد الشيخ: إن تلك البيعة كانت سنة قائمة من لدن آدم إلى زمان ظهور دولة الخاتم (صلى الله عليه وآله) بحيث كان أهل كل دين لا يعدون من أهل الدين أحدا إلا بالبيعة مع صاحب ذلك الدين، أو مع من نصبه لأخذ البيعة من الناس، ولتلك كانت شرائط وآداب مقررة مكتومة عندهم ولشرافة تلك البيعة والضنة بابتذالها عند من ليس لها بأهل كانت تختفي في كل دين بعد قوته ورحلة
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»