مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٩
لما رأى اجتماع الخلق على أبي بكر انطلق إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ما هذا؟ قال له علي (عليه السلام): هذا ما ترى فقال له أسامة فهل بايعته فقال نعم يا أسامة فقال طائعا أو كارها فقال (عليه السلام) لا بل كارها، الخبر.
فظهر مما ذكرنا وغيره أن إطلاق المبايعة والبيعة على المصافقة والصفقة كان متداولا معروفا وكذا تطلق الصفقة على البيعة أيضا كما ذكره أهل اللغة يقال: صفقة رابحة أو خاسرة أي: بيعة.
- وفي الحديث: بارك الله في صفقة يمينك.
وقال الشاعر:
الدهر ساومني عمري فقلت له * ما بعت عمري بالدنيا وما فيها ثم اشتراه بتدريج بلا ثمن * تبت يدا صفقة قد خاب شاريها - وفي الكافي (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من فارق جماعة المسلمين ونكث صفقة الإمام جاء إلى الله عز وجل أجذم، انتهى.
هذا ولكن لا يخفى عليك أن نفس المصافقة ليست بيعة حقيقة، بل هي علامة لوقوع البيعة وتماميتها، والظاهر أن إطلاق المبايعة والبيعة على المصافقة من باب تسمية المسبب باسم السبب، وأصل البيعة وحاقها كما حققنا، هو العهد والميثاق المؤكد وبه يدخل الإنسان حقيقة في زمرة أهل الإيمان المشترين للجنان، وإن لم يبايع الرسول أو الإمام بالمصافقة باليد كما هو الحال في أكثر المؤمنين الحاضرين في زمن الأئمة (عليهم السلام) وسننبهك على ما يشهد لهذا المرام، بعون الملك العلام فانتظر لتمام الكلام فإن هنا من مزال الأقدام.
نسأل الله تعالى العصمة ببركة أهل بيت العصمة عليهم الصلاة والسلام.
البحث الثاني: في حكم البيعة. فنقول إن البيعة بالمعنى الأول واجبة على كل أحد من ذكر وأنثى وحر ومملوك، بل لا يتحقق الإيمان بدونه لأن حاق الإيمان هو الالتزام قلبا ولسانا بإطاعة أمر النبي والإمام، والتسليم لهما، والنصرة لهما ببذل النفس والمال. قال الله عز وجل: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * (الخ) وقال تعالى * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) * فالتسليم

١ - أصول الكافي: ١ ص ٤٥ ح 5 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»