في الحج عن الإمام الماضي، ثبت الرجحان للنيابة عن الإمام الحي صلوات الله عليه.
والثاني: تقرير الإمام لقول الراوي: ربما حججت عن الرجل من إخواني. فإنه يدل على رجحان هذا العمل، إذا كان عن إمام زمانه بنحو أوفى، وطريق أولى.
- ومنها: ما ذكره القطب الراوندي (رضي الله عنه) في الخرائج والجرائح (1) قال: إن أبا محمد الدعلجي كان له ولدان، وكان من خيار أصحابنا وكان قد سمع الأحاديث، وكان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة، وهو أبو الحسن وكان يغسل الأموات وولد آخر يسلك مسالك الأحداث في فعل الحرام، وكان قد دفع إلى أبي محمد حجة يحج بها عن صاحب الزمان (عليه السلام)، وكان ذلك عادة الشيعة يومئذ، فدفع إلى ولده المذكور بالفساد شيئا منها وخرج إلى الحج فلما عاد حكى أنه كان واقفا بالموقف فرأى إلى جانبه شابا حسن الوجه أسمر اللون بذؤابتين مقبلا على شأنه في الابتهال والدعاء، والتضرع وحسن العمل. فلما قرب نفر الناس التفت إلي وقال: يا شيخ أما تستحي؟
فقلت: من أي شئ يا سيدي؟
قال: يدفع إليك حجة عمن تعلم فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر يوشك أن تذهب عينك، وأومى إلى عيني، وأنا من ذلك اليوم على وجل ومخافة وسمع أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ذلك، قال: فما مضى عليه أربعون يوما بعد مورده حتى خرج في عينه التي أومى إليها قرحة، فذهبت.
أقول: ينبغي التدبر في هذا الحديث من أوله إلى آخره ففيه فوائد جمة ومطالب مهمة.
منها: إخباره (عليه السلام) بالغيب.
ومنها: الاهتمام في الوجوه الراجعة إلى الإمام، بأن لا يعطيها إلا الصالحين من الأنام، فإن الظاهر من الحديث المذكور من بدئه إلى الختام، أن أبا محمد أعطى من وجه الحجة المذكورة شيئا إلى ولده المقارف للآثام، لا أنه أعطاه الحجة، كما زعمه بعض الأعلام، فتدبر فيه حتى يتضح لك المرام.
ومنها: سرعة عقوبة المؤمن على فعله ما لا ينبغي من الأعمال وأن هذا لطف إليه من الخالق المتعال.