وممن يظهر منه الميل إلى ذلك الشيخ المحقق الأنصاري (رضي الله عنه) في رسالة القضاء عن الميت حيث إنه بعد نقل خبر (1) علي بن أبي حمزة قال: وظاهر الصلاة عن الغير النيابة عنه لا فعلها وإهداء الثواب إليه.
فيدل على جواز النيابة عن الحي في الصلاة، وإطلاق الصلة والبر على ذلك يشعر بعموم رجحان النيابة عن الحي في كل فعل حسن.
ثم إذا جاز الصلاة عنه جاز غيرها لعدم القول بالفصل " ظاهرا " بينها وبين غيرها بل قد روي جواز الاستنابة في الصوم الواجب بالنذر على الحي فقد روي في الفقيه عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار بل يمكن استفادة عموم النيابة في كل الأعمال الواجبة عدا ما دل الإجماع على عدمه، من الأخبار الدالة على مشروعية قضاء دين الله عمن هو عليه تبرعا ثم إثبات مشروعية النيابة في المستحبات بعدم القول بالفصل فتأمل. انتهى كلامه، رفع مقامه.
وممن يظهر منه القول بذلك الشيخ المحقق صاحب الجواهر في كتاب الوكالة، أنه رضي الله تعالى عنه بعد التصريح بجواز النيابة في صلاة الطواف والزيارة قال: وأما غير هما من النوافل ومطلق الصوم المندوب ففي المسالك في جواز التوكيل فيه نظر وإطلاق جماعة من الأصحاب المنع من الاستنابة في العبادات يشملها وأن تقيد الإطلاق في غيرها.
قلت: قد يستفاد من النصوص مشروعية إهداء الثواب في جميع المندوبات للحي والميت بل قد يستفاد منها فعلها عنه على وجه يترتب الثواب له كما أشرنا إليه سابقا في العبادات نعم لا دليل على شرعية النيابة فيه على وجه يسقط خطاب الندب عن المكلف بل هو باق على ندبيته له، وإن ترتب ثواب له على فعل الغير بنية النيابة عنه فلاحظ وتأمل.
ومن ذلك يعلم الحال في إطلاق عدم جواز النيابة في العبادات حتى جعله في المسالك أصلا، وإن خرج منه ما خرج بالأدلة الخاصة وفيه أنه ليس في العبادات إلا الفعل بقصد القربة وأن الشارع جعل ذلك سببا لترتب الثواب عليه وهو غير مناف للنيابة فيه فيندرج في عمومها، الذي مقتضاه مشروعية جعل فعل الغير فعل الإنسان نفسه، بالإذن والتوكيل من الطرفين وهذا أمر شامل للعبادة وغيرها، فتأمل. فإنه دقيق نافع، وأنه من ثمرات الأصل