مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٥
إلى أنه من لوازم الإيمان وعلامات الإيقان، ما ورد في فضل نية الخير والعزم على العمل الصالح، وإن لكل امرئ ما نوى وغير ذلك مما لا يخفى، على المحب السالك.
- ويدل على المرام كلام مولى الأنام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) المروي في (1) نهج البلاغة: الزموا الأرض واصبروا على البلاء، ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه، وهو على معرفة حق ربه، وحق رسوله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته مات شهيدا ووقع أجره على الله واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله وقامت النية مقام إصلاته بسيفه وإن لكل شئ مدة وأجلا.
- ويدل عليه أيضا ما رواه ثقة الإسلام محمد الكليني (رضي الله عنه) في روضة الكافي (2) بإسناده عن عبد الحميد الواسطي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: أصلحك الله لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الأمر، حتى ليوشك الرجل منا أن يسأل في يده، فقال (عليه السلام):
يا عبد الحميد، ترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجا بلى والله، ليجعلن الله له مخرجا رحم الله عبدا حبس نفسه علينا، رحم الله عبدا أحيى أمرنا.
قلت أصلحك الله، إن هؤلاء المرجئة يقولون: ما علينا أن نكون على الذي نحن عليه، حتى إذا جاء ما تقولون كنا نحن وأنتم سواء فقال: يا عبد الحميد، صدقوا من تاب تاب الله عليه ومن أسر نفاقا فلا يرغم الله إلا بأنفه ومن أظهر أمرنا أهرق الله دمه يذبحهم الله على الإسلام، كما يذبح القصاب شاته.
قال: قلت فنحن يومئذ والناس فيه سواء؟
قال (عليه السلام): لا أنتم يومئذ سنام الأرض وحكامها لا يسعنا في ديننا إلا ذلك قلت: فإن مت قبل أن أدرك القائم (عليه السلام) قال (عليه السلام) إن القائل منكم إذا قال: إن أدركت قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) نصرته، كالمقارع معه بسيفه، والشهادة معه شهادتان (3).

١ - نهج البلاغة: ٢٨٢ خطبة ١٩٠.
٢ - روضة الكافي ج ٨ ص ٨٠ ح 37.
3 - قوله (عليه السلام) والشهادة معه شهادتان أقول: هذا الكلام يحتمل معنيين أحدهما أن الشهيد معه يعطيه الله تعالى ثواب شهيدين أحدهما ثواب الشهادة والآخر ثواب العزم على نصرته والثاني أن الشهيد معه أفضل من الشهيد مع غيره فيعطي الله الشهيد معه ثواب شهادتين مع غيره من الأئمة لحكم خفية والله العالم.
ولا ينافي ذلك ما سيأتي في رواية أبي جعفر إذ يمكن أن يكون ما ذكر في هذا الحديث ثواب من شهد معه في معركة القتال، وإن لم يقتل فتأمل - لمؤلفه.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»