مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ١٨٣
وهذه الصفة من الصفات الموبقة والأخلاق المردية.
- ولهذا ورد في (1) الدعاء المروي عن العمري (رضي الله عنه)، وهو مأخوذ عن صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه: وأنت العالم غير معلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك، في الإذن له بإظهار أمره، وكشف ستره، فصبرني على ذلك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت، ولا أكشف عما سترت، ولا أبحث عما كتمت، ولا أنازعك في تدبير.. الخ.
الرابع عشر: قد يوجب التعجيل وعدم الصبر في بعض الأشخاص ترك الدعاء بتعجيل فرج صاحب الزمان سلام الله عليه فيحرم من المكارم، والفوائد المرتبة عليه، أي على الدعاء بتعجيل فرجه وذلك بسبب أنه يدعو لذلك الأمر مدة من زمانه، وبرهة من أوانه، ويرى أهل الدعاء والولاء أيضا مشتغلين بهذا الدعاء، ثم يرى تأخر الفرج والظهور، وعدم نيله بالفرح والسرور، فيزعم بسبب عدم صبره واستعجاله في أمره أن تلك الدعوات غير مؤثرة في حصول مطلوبه، فيصير هذا سببا لتركه الدعاء بتعجيل الفرج، غافلا عن كون هذا الدعاء كسائر الدعوات مشروط بشروط وصفات لا يظهر أثره إلا بعد حصولها فيه.
وهذا لا ينافي الأمر به، وترتب الفوائد عليه كما أن الصلاة مثلا مأمور بها، وتترتب عليها آثار جليلة ومثوبات جزيلة، لكن إذا أتى شخص بصورة الصلاة من دون اجتماع الشرائط فيها لم يكن ممتثلا لأمر مولاه، ولا يحصل له ما يتمناه من فوائد الصلاة وآثارها، بل يكون معاقبا أيضا فاللازم على الداعي أن يجتهد في تحصيل شروط الدعاء حتى يفوز بما يلتمسه ويتمناه.
فإن قلت: قد ورد في الروايات أن النبي والأئمة (عليهم السلام) يدعون بتعجيل ظهور صاحب الأمر (عليه السلام)، ولا ريب فإن دعاءهم جامع لجميع شرائط الصحة والكمال، ومع ذلك لم يقع الظهور إلى الآن، مع أن استجابة دعواتهم مما لا ريب فيه عند أهل الإيمان.
قلنا: الجواب عن ذلك من وجهين:
أحدهما: إن الأخبار ناطقة بأن ظهور صاحب الأمر (عليه السلام) من الأمور البدائية التي تقبل التقديم والتأخير، وإن كان أصل وقوعه من الأمور المحتومة التي وعد الله تعالى بوقوعها البتة، وهو لا يخلف الميعاد. فيمكن أن يقع في وقت أسرع بسبب دعائهم (عليهم السلام) وهذا الوقت

1 - في كمال الدين: 512.
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»