الواحد والثلاثون السعي في خدمته بما تيسر لك في أيام حياتك التي تبين بمقتضى الروايات أنها ببركته تأسيا بملائكة الله المأمورين بخدمته، والروايات في أن الملائكة خدامهم وأنهم مؤتمرون بأوامرهم، وأنهم لا يجلسون في محضرهم إلا بإذنهم، كثيرة لا نطول الكتاب بذكرها، وهي مذكورة في مظانها، وحسبك شاهدا على ما دللنا عليه، وداعيا إلى ما دعونا إليه قول الصادق (عليه السلام) في الحديث، الذي تقدم في ذكر شرفه، حيث قال: ولو أدركته لخدمته أيام حياتي.
أقول: تدبر أيها المحب اللبيب في هذا الكلام أتزعم فيه إغراقا أو خلاف واقع؟ حاشا، وكلا بل هو عين الحقيقة، ودلالة إلى نكات دقيقة منها بيان فضل القائم (عليه السلام) وشرفه ومنها الإشارة إلى أن خدمته أفضل العبادات، وأقرب الطاعات لأن الإمام الصادق الذي لم يصرف عمره الشريف إلا في صنوف طاعة الله وعبادته في يومه وليلته بين أنه لو أدرك القائم لصرف أيام حياته في خدمته.
فظهر من هذا الكلام أن السعي في خدمة القائم (عليه السلام) أفضل الطاعات، وأشرف القربات لترجيحه واختياره خدمته على سائر أصناف الطاعة وأقسام العبادة، ومنها الإيماء إلى أن أتباعه أفضل الأتباع ورعيته أفضل من غيرهم، وأصحابه أشرف الأصحاب كما أن أمة خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) أفضل الأمم، وأشرفهم لأن مرتبة أهل كل شخص وأتباعه تتفاوت بحسب شرافة هذا الشخص وعلو قدره فإذا تبين علو مقام مولانا صاحب الزمان ظهر علو مرتبة رعيته، وأتباعه والمؤمنين الثابتين على ولايته جعلنا الله تعالى منهم وهذا ظاهر لا سترة عليه وله شواهد كثيرة من الروايات:
- أحدها التعبير عنهم في النبوي (صلى الله عليه وآله) بإخوان النبي (صلى الله عليه وآله) ففيه أنه قال ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه اللهم لقني إخواني، مرتين فقال من حوله من أصحابه أما نحن من إخوانك يا رسول الله؟
فقال: لا، إنكم أصحابي، وإخواني قوم في آخر الزمان، آمنوا ولم يروني لقد عرفنيهم الله بأسمائهم، وأسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم، لأحدهم أشد تقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء أو كالقابض على جمر الغضا أولئك