مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ١٨٨
في غيرها، ومن لم يقل فيها، لم يقل في غيرها فالقول بالصلاة دون غيرها إحداث قول ثالث، وهو خرق للإجماع المركب وهذا الوجه ذكره الشيخ المحقق الأنصاري (رضي الله عنه) في بعض رسائله، وفيه نظر للتأمل في حجية الإجماع المنقول كما تقرر في محله لكنه يصلح للتأييد.
ويمكن الاستدلال للمطلوب أيضا بالاستقراء لأن عمدة العبادات المندوبة الصلاة والحج، والصدقات، والطواف، والرباط، والزيارات، والأضحية، وقد ثبت بالروايات جواز النيابة بل استحبابها فيها فيتعدى إلى غيرها.
ويمكن الخدشة في ذلك أيضا لأنه استقراء ظني وليس حجة عندنا. ولكن يمكن أن يستظهر من التعليلات الواردة في أخبار النيابة في الحج والطواف وغيرهما بكونها صلة للذي يفعلها نيابة عنه، ولذلك يضاعف للنائب الأجر إن فعل العبادات المستحبة نيابة عن المؤمنين مطلقا، صلة لهم، وإحسانا إليهم، ورجحان الصلة والإحسان إلى أهل الإيمان غير خفي عي مستقيمي الأذهان، فتدبر.
- وقد يستدل لصحة النيابة في الصلاة عن الحي بخبر محمد بن مروان المروي في أصول الكافي (1) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين!
يصلي عنهما، ويتصدق عنهما، ويحج عنهما، ويصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما، وله مثل ذلك، فيزيده الله عز وجل ببره وصلته خيرا كثيرا. انتهى.
وجه الاستدلال ظهور قوله (عليه السلام) يصلي عنهما إلى آخره، في بيان كيفية بر الوالدين في حياتهما ومماتهما فقد فهم ذلك جمع من فقهائنا رحمهم الله، وادعوا ظهور هذا الكلام في ذلك المرام لكن العلامة المجلسي الثاني في مرآة العقول (2) جعله بيانا لكيفية البر حال مماتهما. فتأمل.
ويمكن الاستدلال للمقصود بقوله عز وجل * (تعاونوا على البر والتقوى) * فإن التعاون قد يستعمل في التظاهر على أمر يريده المتعاونان وقد يستعمل في تحمل شخص عن آخر أمرا فيه صلاحه وانتفاعه والنيابة عن المؤمن في الطاعات من هذا القبيل، كما لا يخفى على من سلك سواء السبيل والحاصل أن المستفاد من جميع ما ذكرنا دليلا وتأييدا استحباب النيابة في الطاعات المندوبة عن الميت والحي من المؤمنين والمؤمنات.

١ - الكافي: ٢ / 159 باب بر الوالدين ح 7.
2 - مرآة العقول: 2 / 164.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»