من الصلوات والصدقات وغيرها عن أحياء المؤمنين والمؤمنات وجه الدلالة أن الظاهر من سؤال الراوي وجواب الإمام (عليه السلام) كون ذكر الحج والصلاة والصدقة من باب المثال، لا لخصوصية في المذكورات والمراد السؤال عن جواز النيابة في جميع المندوبات والطاعات وذلك من وجهين.
أحدهما: إن الإمام اقتصر في الجواب على ذكر الصدقة والصلاة وترك الحج، مع كون النيابة في الحج معروفا ثابتا بحسب الروايات والآثار، ولم ينقل الإشكال فيه عن العلماء الأخيار، فيظهر من ذلك أن الإمام (عليه السلام) فهم المثالية أيضا من ذكر الصدقة والصلاة والحج في سؤاله، ولهذا لم يكن حاجة إلى ذكر جميع ما سئل عنه.
والثاني: تعليله (عليه السلام) الجواز بل الاستحباب بقوله: ولك أجر آخر بصلتك إياه: دل على كون النيابة في الطاعات والعبادات عن المؤمنين والمؤمنات صلة لهم وإحسانا إليهم، ولهذا استحق النائب أجرا آخر مضافا إلى أجر أصل العبادة بسبب صلته لهم، وإحسانه إليهم.
أما العبادات الواجبة فقد ثبت بالدليل شرطية المباشرة فيها وعدم جواز النيابة عن الأحياء، إلا الحج وبيان ذلك موكول إلى محله.
والخبر المذكور وإن كان ضعيفا بعلي بن أبي حمزة الواقفي، لكن قد ثبت في موضعه الاكتفاء في المستحبات بالخبر الضعيف أيضا.
- والدليل على ذلك عدة روايات مستفيضة مذكورة في الكافي (1) والوافي وغيرهما من كتب الأخبار والفقه والأصول، دالة على أن من بلغه ثواب على شئ من الخير فعمله رجاء ذلك الثواب أوتيه وإن لم يكن الحديث على ما بلغه.
فهاهنا أمران ثابتان أحدهما كون مطلق العبادات خيرا، والثاني كون النيابة فيها، إلا ما خرج عن الأحياء والأموات أمرا مرغوبا إليه، بمقتضى الخبر المذكور ولا مانع فيه سوى تخيل كونه تشريعا، ويدفعه الإتيان بها رجاء، نظرا إلى الخبر المذكور، وأخبار من بلغه ثواب على عمل. ويمكن الاستدلال للمطلوب بوجه آخر، وهو أن يقال: قد ثبت بالخبر المذكور جواز النيابة، بل استحبابها عن الأحياء في الصلوات المندوبة فيسري الحكم المذكور في سائر الطاعات والعبادات المرغوبة بعدم القول بالفصل لأن من قال بالجواز في الصلاة، قال