مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
أقول: لفظ السؤال وإن كان خصوص القرابة والأصحاب، لكن لا ريب في أن ذكرهما بالخصوص، من جهة أن الغالب من حال الإنسان، أنه لا يحج ولا يتصدق ولا يصلي ولا يزور ولا يفعل فعلا حسنا إلا عمن كان له خصوصية وارتباط بينه وبين هذا النائب، الذي يفعل ذلك الفعل الحسن كما نرى بالعيان، من حال أفراد الإنسان ولهذا ذكرهما في السؤال فتبين أن ذكرهما من باب المثال.
والمراد هو السؤال عن جواز النيابة في الطاعات، والخيرات عن الأحياء والأموات، من المؤمنين والمؤمنات فأجاب الإمام (عليه السلام) عن سؤاله بنحو أبلغ وأتم حيث أنه (عليه السلام) بين للسائل جواز ذلك، بقوله: نعم ثم أراد بيان حسنه واستحبابه، فأمر بذلك بعد أن بين له جوازه، بقوله: تصدق عنه، وصل عنه ثم أراد حضه وترغيبه إلى هذا العمل، ببيان فضله وثوابه، فقال (عليه السلام): ولك أجر آخر ثم أراد بيان وجه استحقاقه الأجر والثواب فنبه عليه، بقوله: بصلتك إياه فجمع له في هذا الكلام الحكم بالجواز، بالمعنى الأعم، والاستحباب، والترغيب إليه، بذكر الأجر والثواب، وإنه بسبب كونه صلة للقرابة والأصحاب فانظر وتدبر أيها العاقل المتفطن، أنه إذا كان الشخص يستحق الأجر لصلته أحدا من إخوانه المؤمنين بالتصدق عنه، فكيف لا يستحق أعظم من ذلك بصلته صاحب الأمر (عليه السلام) بالتصدق عنه، بلى يستحق، ويفوز بأفضل ثواب المتصدقين لصدور هذه العبادة نيابة عنه عن أفضل العالمين، ولا ريب أنه كلما كان الارتباط والخصوصية بينه وبين إمامه سلام الله عليه أكمل وأتم، كان ثوابه في التصدق عنه أوفى وأتم نسأل الله تعالى أن يمن علينا وعلى سائر المؤمنين بكمال مودته وخدمته، إنه قريب مجيب ويشهد لما ذكرنا من كون التصدق عن الإمام (عليه السلام) أفضل من الصدقة عن غيره، مضافا إلى حكم العقل بذلك ومضافا إلى كونه من أقسام الصلة للإمام، وسيأتي ما يدل على فضله ما في تفسير العسكري (عليه السلام) وسنذكره هناك إن شاء الله تعالى فانتظر.
تنبيه وإرشاد للسالك المرتاد إعلم أنه يستفاد من خبر علي بن أبي حمزة المذكور (1) جواز النيابة في الأعمال البرية

1 - تقدم في ح 1372.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»