مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ١٨١
يخرج من الإيمان بخمس جهات من الفعل، كلها متشابهات، معروفات: الكفر، والشرك، والضلال والفسق وركوب الكبائر، فمعنى الكفر كل معصية عصى الله بها بجهة الجحد والإنكار والاستخفاف والتهاون في كل ما دق وجل، وفاعله كافر، ومعناه معنى كفر، الحديث.
الثامن: قد توجب العجلة رد الأخبار المشتملة على أمر الفرج، وظهور مولانا (عليه السلام) فإن العجول بسبب ضيق صدره وقلة صبره لما طال عليه الأمد تسلط عليه الشيطان، فقال: لعل هذه الأخبار لم تكن صادرة عن الأئمة الأطهار، ولعل المنتحلين لهذا المذهب أو بعض رواتها وضعوها لبعض المصالح الراجعة إليهم، فيقوى في باله هذا الخيال حتى يؤول أمره إلى رد الأخبار، ويرد دار البوار، جهنم يصلونها وبئس القرار مع أن رد ما يرويه ثقاتهم عنهم (عليهم السلام) رد عليهم وكفر بحقهم.
- كما في رواية عمر بن يزيد المروية في الوسائل (1) وغيره قال: قلت لأبي عبد الله:
أرأيت من لم يقر بأنكم في ليلة القدر كما ذكرت، ولم يجحده قال (عليه السلام): أما إذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلم يثق به، فهو كافر.
التاسع: قد تكون العجلة في بعض الأشخاص سببا لتأويل الأخبار الواردة عن الأئمة (عليهم السلام) إلى ما يشتهيه، مما هو خلاف صريح الأخبار، أو ظاهرها. فيقع بذلك في وادي الضلال، لأنه يؤدي إلى نسبة الإضلال، إلى حجج الخالق المتعال، ألا ترى أن كثيرا من الضالين المضلين من الأولين والآخرين قد ضلوا وأضلوا بسبب فتح باب التأويل في كلام الإله الجليل، ورسوله وخلفائه (عليهم السلام)، ولم يدروا أن التكلم بكلام له ظاهر، وإرادة غيره من غير نصب دلالة ظاهرة، وقرينة واضحة، إضلال للناس وقبيح عند العقلاء!
وقد قال الله تعالى في خصوص متشابهات القرآن * (أما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) * الآية.
وهؤلاء الحمقى يؤولون ظواهر الأخبار، ونصوصها إلى ما تهواه أنفسهم، بآرائهم الفاسدة، وتخيلاتهم الكاسدة. من غير دليل يقتضيه، ولا شاهد يرتضيه، وذلك لضيق صدرهم، وقلة صبرهم في طول الغيبة وشدة المحنة.

1 - الوسائل: 2 / 26 ح 19.
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»