مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٨٤
سببا لتقدمه واستباقه وبه يظهر كل خير ويرفع كل ضير، وأيضا فإن من آثار الدعاء مسرة المدعو له والسرور من المنافع الجليلة.
وأما الثاني: فلأنك قد عرفت تأثير الدعاء في تقدم زمان ظهوره صلوات الله عليه، وبه يندفع عنه وعن شيعته الكرب، والهم والغم والضيق، بل لنفس الدعاء تأثير في اندفاع الهم والغم، إلى غير ذلك مما لا يخفى على العارف السالك.
- ومما يدل على أن الإعانة والاحترام باللسان يكون من مصاديق الصلة والإحسان ما روي في المجلد الحادي عشر من البحار (1) مسندا عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: دخلت عليه، فشكوت إليه الحاجة. قال: فقال يا جابر ما عندنا درهم فلم ألبث إذ دخل عليه الكميت فقال له: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي حتى أنشدك قصيدة قال: فقال: أنشد فأنشده قصيدة فقال (عليه السلام): يا غلام أخرج من ذاك البيت بدرة، فادفعها إلى الكميت.
قال: فقال له جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي أنشدك قصيدة أخرى؟ قال: أنشد فأنشده أخرى فقال (عليه السلام): يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت، قال: فأخرج بدرة، فدفعها إليه.
قال: فقال له جعلت فداك، إن تأذن لي أنشدك ثالثة قال له: أنشد فقال يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة، فادفعها إليه قال: فأخرج بدرة، فدفعها إليه. فقال الكميت، جعلت فداك، والله ما أحبكم لغرض الدنيا، وما أردت بذلك إلا صلة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما أوجب الله علي من الحق قال: فدعا له أبو جعفر (عليه السلام) ثم قال: يا غلام ردها مكانها، قال: فوجدت في نفسي وقلت: قال لي ليس عندي درهم، وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم!
قال: فقام الكميت وخرج، قلت له: جعلت فداك قلت ليس عندي درهم، وأمرت للكميت بثلاثين ألف درهم! فقال لي: يا جابر، قم وادخل البيت قال: فقمت، ودخلت البيت، فلم أجد منه شيئا قال: فخرجت إليه فقال لي: يا جابر ما سترنا عنكم أكثر مما أظهرنا لكم. فقام فأخذ بيدي، وأدخلني البيت ثم قال: وضرب برجله الأرض، فإذا شبيه بعنق البعير، قد خرجت من ذهب ثم قال (عليه السلام): يا جابر انظر إلى هذا، ولا تخبر به أحدا، إلا من تثق به من إخوانك، إن الله أقدرنا على ما نريد، ولو شئنا أن نسوق الأرض بأزمتها لسقناها. إنتهى

١ - بحار الأنوار: ٤٦ / 239 / ح 23.
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»