منهاج الهداية - إبراهيم الكلباسي - الصفحة ٤٥١
ولكن حكمه حكم ما يكون مالكه مجهولا في وجه قوي ولو ترك شيئا مما مر من جهد في غير ماء وكلاء جاز أخذه وحفظه لمالكه أو دفعه إلى الحاكم من غير ضمان لو ظهر مالكه إجماعا كما حكاه بعضهم ولأن يده يد أمانة فضلا عن كونه إحسانا بل جاز تملكه بلا خلاف أعرفه كما في الكفاية الإبل بل عد متفقا عليه مطلقا وفيهما نظر فإن في الوسيلة نفى جوازه في الإبل ويلزمه ذلك في غيرها لنا صحيح ابن سنان وخبرا مسمع والسكوني وكذا لو تركه في أحدهما لعموم التعليل ووجه الحكمة المفهوم من الأخبار وفيها الصحيح مع صراحته وأولى منه ما زيد عليه الكسر أو المرض وهل يعتبر فيه قصد التملك استصحاب الحالة السابقة يقتضيه فيتعين اعتباره وهل يعتبر معه التلفظ الأحوط نعم والأظهر العدم للأصل وعدم دخول اللفظ في النية لكونها من أفعال القلوب وإن بقي صاحبه حينئذ وطلبه لم يجب إجابته مع تلفه إجماعا كما في التنقيح وفيه الكفاية فضلا عما يأتي وهل يجب رده مع بقاءه وجهان بل قولان من الأصل وعموم على اليد ما أخذت ومن الحكم بتملكه للملتقط ونفي السبيل عليه وعد الملقوط مثل الشئ المباح وهو أقوى واستشكل في التذكرة والقواعد وليس في محله والحلي قال من ترك بغيره من جهد في غير كلاء ولا ماء فهو لمن أخذه لأنه خلافه آيسا منه ورفع يده عنه فصار مباحا وجعل المرجع إلى الإجماع وتواتر النصوص ومن فحوى الصحيح والخبرين يتبين أنه لو أعرض المالك منه اختيارا ملكه الآخذ من دون ضمان مطلقا ولو في غير الضالة واللقطة ومنهم من حكم بتملك الآخذ بالأخذ استنادا إلى سيرة الناس في الدور والأحجار القديمة وإلا وجب إرجاعه إلى وارثه ثم بفحواها يثبت الحكم في الشئ اليسير كاللقمة وحطب المسافر ونحوها وأما لو أعرض من غير اختيار كما فيما يأخذه الظالم فلم يؤثر فيه فإنه لم يعرض عنه بالكلية وأما فيما يقع في البحر ويخرجه الماء فهو لمالكه وما ييئس منه المالك فيعرض عنه بالكلية ويخرجه الغواص فصرح العلامة بأنه له إن تركوه بنية الإعراض ولا إشكال لما مر وفي الخبر أن ما أخرجه البحر لأهله يعني لمالكه وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه وادعى الحلي الإجماع على الخبر وهو حكم به لليأس عنه وعلله بأنه صار بمنزلة المباح وفيه نظر هداية لو وجد شاة في فلاة خيف عليها من السباع ولوص صغارها جاز أخذها بلا خلاف وبه نبه في المسالك والكفاية وغيرهما وفي التذكرة نسربه إلى علمائنا وفي المهذب وغاية المرام الإجماع وفي التحرير جاز له أكلها في الحال بإجماع العلماء فضلا عن كونها كالتالف وعن الصحاح وغيرها ويلحق بها الاخرية المخوف فيها منها بالتعليل كما يلحق المهلكة من المواضع وما يكون معرضا للتلف لفحوى ما مر وفي التذكرة نسب الأول إلى علمائنا والتعليل المفهوم من الأخبار يعمهما ولا فرق بين أن تكون في ماء وعلف وأحدهما وخارج عنهما ولا بين أن تكون سليمة أولا للإطلاقات ولا بين أن تترك من جهد كان صارت شلاء أو عرجاء أو غير متمكنة من الحركة لفحوى ما مر هنا وفي البعير أولا إلا أنه لا ضمان للثاني وأولى منه أن يظهر من صاحبها الإعراض عنها أو يعلمه الأخذ ولا بين كون صاحبها معلوما أولا لعموم التعليل ثم يتخير الآخذ بين الحفظ لصاحبها ودفعها إلى الحاكم وقصد تملكها بلا خلاف تحصيلا ونقلا وزيد والتصدي بها مع الضمان إن لم يرض به المالك ولا وجه له بل لا يخرج عن القياس مضافا إلى كونه مخالفا للأصول متروكا بين
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»