منهاج الهداية - إبراهيم الكلباسي - الصفحة ١٩٠
واحد المنهج الأول في شرايط القاضي وآدابه يشترط في القاضي العقل والبلوغ والإيمان والعدالة وطهارة المولود والذكورة ولو للحكومة على الأنثى والعلم بالحكم والقضاء بالمعنى الأعم بالاجتهاد وفي كفاية التجزي خلافه وكونه قادرا على الكتابة بصيرا ولو بإحدى عينيه في وجه قوي كعدم استماع السماع عليه مطلقا والضبط وانتفاء الخرس على رأي إلا أن الضبط لا بد منه في محل الحكم كاشتراط أن لا يكون كثير النسيان ويشترط الحرية أيضا مع احتمال الاشتراط في النصب عموما و اختيار الولاية فيمن يكون مأذونا عموما لا في الحكومات الخاصة والأقوى الاشتراط مطلقا ولا يشترط القدرة على إجراء حكمه ولا زيادة العقل والرأي ولا سعة الحلم ولا البصيرة بلغة المتحاكمين إلا أن لا يتمكن من فهم مرادهما أصلا فيعتبر ومثله التدبر والقوة على القيام بالحكم ولا الورع ولا المحافظة على الواجبات والأمانة زيادة على العدالة ولا بد مع جميع ذلك إذن الإمام له ولذا ينفذ قضاء الفقيه المستجمع لشرايط الفتوى من فقهائنا مع غيبته (ع) أو عدم بسط يده بل لا يجوز رد عليه بل يحتمل كفر الراد وإن كان الأقوى العدم ولا يجوز له في غيرهما بدون الإذن إلا إذا تراضى الخصمان به ووجوبه مطلق فيجب تحصيل مرتبيه و وكفائي على تقدير التعدد والتساوي ولا ينافيه الإذن كصلاة الميت وعيني لو قرب بعضهم وبعد آخر أو انحصر القابل في واحد أو احتاج البلد إلى الجميع ويجب عليه الحكم بما أنزل الله سبحانه إلا إذا تضرر نفسا أو عرضا أو مالا بل يجوز له الحكم بغيره حينئذ في غير الدماء وإذا ترافع إليه الخصمان والحكم عنده ظاهر يجوز له الحكم بل يجب عينا على رأي وهو وإن كان أحوط إلا أن الأقوى أنه لو تمكنا من الغير لم يتعين عليه كما لا يتعين عليهما البقاء ويجوز لهما الرجوع إلى الآخر قبل الحكم ولو تشاحا في حاكمين متساويين قدم مختار المدعي وأما مع الاختلاف فيقدم الأفضل مطلقا ولو لم يرض المدعي به وأما الأودعية فلا يوجب التعيين وإنما يتعين القضاء لو لم يرضيا بالصلح وإلا فلا بل يستحب له ترغيبهما عليه ثم الحكم إن أبيا غيه والأحوط مراعاة الفورية عرفا وإن كان في تعيينه شك ولا يجوز الترافع إلى حكام الجور من العامة والخاصة بل هو كبيرة وإلى من لا يجتمع فيه الشرايط وإن بلغ من العلم ما بلغ وكان من الشيعة ولم يقدر على الرجوع إلى من له أهليته وحكم بالحق ولا يجوز لهؤلاء التعرض له وإن تراضى الخصمان به واستقضاه ذوا الشوكة بل العوام كافة ويجب ردعهم عن ذلك على من تمكن منهم نعم يجوز الترافع إليهم وإن كانوا كفارا إذا توقف وصول حقه عليه دينا كان أو عينا ويستحب قبول القضاء من السلطان العادل لمن لم يثق بنفسه ولو ألزمه وجب عينا هداية ينبغي للقاضي أن يسأل من أهل بلد ولايته حال أهله ويتعرف منهم ما يحتاج إلى معرفته من مراتب الناس في العلم و الصلاح وغيرها فإن تمكن منه قبل السير فعل وإلا ففي الطريق وإلا فحين يدخل وإذا قدم أشاع بقدومه وواعدهم يوما لقراءة عهده وأن يقصد الجامع إذا قدم كما ينبغي لكل قادم ويصلي ركعتين ويسأل الله العصمة والإعانة وأن يسكنه وسط البلد ويجلس للقضاء في موضع بار ذكر حبه أو فضاء ليسهل الوصول إليه وأن يبدء بأخذ ديوان الحكم من المعزول أو أمينه وما فيه من وثايق الناس وهي الرهون والمحاضر وهي نسخ ما ثبت عند الحاكم والسجلات وهي نسخ ما حكم به والحجج التي للناس وأن يخرج القضاء في أجمل هيئته وعلى سكينة ووقار ولا يجلس على التراب ولا على بادية المساجد إن قضى فيه بل يفرش له ما يجلس عليه وحده وأن يكون خاليا من غضب وجوع وعطش وغم وفرح ووجع
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»