منهاج الهداية - إبراهيم الكلباسي - الصفحة ١٨٨
ولو غنم المشركون أموال المسلمين وذراريهم ثم ارتجعوها لم يدخل الذراري الأحرار في الغنيمة مطلقا وكذا المماليك وساير الأموال قبل القسمة وأما بعدها ففيها خلاف كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفيه منهجان المنهج الأول في أحكامهما وشرايطهما هداية يجب الأمر بالواجب والنهي عن الحرام قولا وفعلا ولا سيما بأهله وهما من الفرايض العظام ومهماتها وبهما يقام غيرهما من الفرايض ويستحب الترغيب والتحريض إلى فعل المندوبات وترك المكروهات والوجوب كالاستحباب كفائي فلا يجب المبادرة ولا تستحب إذا علم قيام الغير بهما وكفايته عن غيره من دون ضمه إليه أو إرادته لهما بل ولو ظن به ظنا متاخما للعلم بل ولو ظنه مطلقا في وجه غير بعيد نعم يمكن أن يقال باستحبابه حينئذ والكل مطرد في أمثاله ومنهم من أوجبه عينا قلبا وكفاية فعلا لكن الأول ليس من الأمر والنهي في شئ لو أرادت القلبي ما يتعلق بغيره وإلا فيرجع إلى الفعلي هداية يشترط في الوجوب والاستحباب تمكن المكلف من الأمر والنهي وما في حكمهما وتجويز التأثير فيها وأن لا يكون فيها مفسدة له أو لساير النفوس المحترمة أو لعرضهم أو لمالهم عاجلا أو آجلا ولو ظنا وأن يكون الفاعل مصرا في الاستمرار بانيا عليه وأورد بعدم الاشتراط بها بالنظر إلى الإنكار بالقلب وهو أول المراتب وفيه نظر لعدم كون ذلك أمرا ولا نهيا وإن قيل بوجوبه وزاد ثلة علم المكلف بوجه الفعل أو بكون المعروف معروفا والمنكر منكرا وفيه نظر لعدم توقف الوجوب عليه إذ ما يتوقف عليه هو العلم بالحكم ولو إجمالا لا ذلك فالوجوب حاصل مع عدمه كما لو علم إجمالا النهي عن القبيح ولا يعرفه غاية الأمر وجوب معرفة الأحكام ولا يتوقف وجوبها على العلم بها بالخصوص إذ لا منافاة بين عدم جواز أمر الجاهل ونهيه والوجوب عليه كوجوب الصلاة على غير المتطهر والكافر نعم ربما يصير شرطا وهو فيما ينافي عدمه التكليف وهو العلم الإجمالي لا ما أخذ شرطا هنا ولو كان مرادهم ذلك يلزم اعتباره في جميع الأحكام مع أنه ليس ديدنهم بل خلاف ظاهر كلماتهم ومع ذلك يكفي الظن الحاصل بالاجتهاد أو التقليد ولا يحتاج إلى العلم نعم معرفة القبح والحسن شرط لإيقاع الأمر والنهي فلا يصلح إيقاعهما مع عدم العلم أو الظن كما لا يجب إذا لم يتمكن منهما أو كان التأثير عنده ممتنعا إلا أن هذا لا يرفع الجواز أو كان فيهما ضرر على من سبق أو علم من الفاعل أو التارك الإقلاع والندم فلا يجب ولا يستحب إلا أنه على الأخيرين كما لا يجب يحرم أيضا بل على تقدير ظن الضرر كذلك هذا ولو غلب على ظنه عدم التأثير لم يجب مع احتمال الاكتفاء بالظن مطلقا في وجه غير بعيد ولكن الأحوط عدم الترك مع احتمال التأثير ولا يشترط ايتمار الآمر بما يأمر به وانتهاء الناهي عما ينهى عنه ولا أن يكون الفاعل أب الآمر ولا جده ولا أمه فيجوز بل يجب أمرهم ونهيهم للولد ولا يجوز التجسس كوضع الأذن والأنف لإحساس الصوت والريح وطلب ادائة ما تحت الثوب والفراش ولا يجب الأمر فيما لو شك في وجوبه عليه أو حرمته كترك صلاة الجمعة أو أكل العصير الزبيبي أو التمري ممن يحتمل في حقه تجويزه تقليدا أو اجتهادا والغيبة ممن يحتمل جوازها له أو ما كان الضرر في الأمر والنهي أكثر من ضرر تركها هداية إنه لا يجب الأمر ولا النهي إلا فيما وجب على الفاعل فعله أو حرم تركه سواء وجب على الآمر أو حرم أو لا فلو أتى بما يكون حراما أو واجبا عند الآمر والناهي اجتهادا أو تقليدا ولم يكن كذلك عند الفاعل كما في الخلافيات من الأحكام لم يجب الأمر ولا النهي وكذلك فيما له عذر أو يحتمله من التقية أو السهو أو النسيان أو الغفلة بنوم أو جهل بموضوع أو دهشة أو فرح أو نحو ذلك ولم يجب على العالم به إعلامه ولا الأمر به ولا النهي عنه كما لو ترك الصلاة أو بعض
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»