منهاج الهداية - إبراهيم الكلباسي - الصفحة ١٨٩
أركانها أو واجباتها بأحد هذه الوجوه ولو باحتماله وكذا في ساير العبادات كالصوم والطهارات والحج وأما لو لم يرفع عذر الفاعل تكليف الآمر كما لو كان الأمر مما يجب على العالم حفظه عما يريد أن يفعل به المعذور كقتل نفس محترمة لاشتباهها ممن يجب قتله أو التخلي فيما يجب حفظه عن تلوثه بالنجاسة للعالم به كالمسجد أو إلقاء القرآن في العذرة أو غير ذلك مما علم من الشرع عدم اختصاص التكليف فيه بالفاعل بل يشاركه والعالم به فيجب إعلامه ثم الأمر به أو النهي عنه بمراتبه المنهج الثاني في اللواحق هداية قالوا مراتب الإفكار القلب ثم اللسان ثم اليد واختلف كلامهم في الترتيب فمنهم من جعله كذلك ومنهم من عكسه وهو نزاع لفظي ولا فرق بين الأمر والنهي وأما نفس المراتب فمنهم من جعل الوجوب في أولها مطلقا وفي غيرها مشروطا فيكون الأول كراهة المنكر في القلب مثلا بأن يعتقد وجوب المتروك وتحريم المفعول مع كراهته للواقع وهذا ليس من النهي عن المنكر أصلا كما هو ظاهر وليس مشروطا بما اشترطوا النهي عن المنكر به مما مر ولو سلم يستلزم عدم الانحصار في الثلث إذ الأقسام علي هذا تزيد عليها ولذلك فسره بعضهم بالإعراض عن فاعل المنكر وإظهار الكراهة له بسبب ارتكابه المنكر وهذا ليس مطلقا كما هو في غير خفي بل مشروط كغيره بما مر فالأولى جعل هذا تفسيرا مع إسقاط الإطلاق وجعل الحصر واردا مورد الغالب وإلا فظاهر عدمه فيها ثم جعلوا المراتب مندرجة بإظهار الكراهة أولا ثم القول اللين ثم الغليظ ثم الضرب وظاهر أن التدرج أزيد منها بكثير والمدار على أقل ما يصير سببا للترك إذ الزيادة عليه ظلم وتعد لم يجز فعله وربما يصير الأدنى مقلعا دون الأعلى وفي جواز الجرح والقتل حيث لا يؤثر ما سبق عليهما من المراتب أو توقفهما أو توقف الأخير على إذن الإمام أقوال والأوسط لا يخلو عن رجحان فيجوز للفقيه هداية يجوز للفقهاء في حال الغيبة إقامة الحدود والتعزيرات بين الناس مطلقا ولو لم يكونوا من العبيد والأزواج والأولاد كالفتاوى والمرافعات عند التمكن منها والأمن من الضرر بل يجب عليهم على الأظهر الأشهر وكذا يجوز للمولى على مماليكه وللزوج على زوجته وللوالد على ولده ولا فرق في العبد بين الذكر والأنثى والخنثى بل الممسوح ولا في الأنثى بين المزوجة وغيرها ولا في المزوجة بين أن تكون تحت عبده أو غيره ولا في المولى بين أن يكون فقيها أو لا ومثله الحكم في الأب والزوج ولشمول الأولاد لأولاد الأولاد شك ولا فرق في الجميع بين العادل والفاسق كتاب القضاء وفيه مناهج مقدمة القضاء شرعا ولاية الحكم لمن له أهلية الفتوى بجزئيات القوانين الشرعية على أشخاص معينة من الناس بإثبات الحقوق واستيفائها للمستحق ويطلق على إنشاء أمر جزئي في واقعة معينة بحيث لا يتعدى إلى مثلها بل يحتاج إلى إنشاء حكم آخر فيه بخلاف الفتوى فإنها ليست إنشاء وإن كانت بظاهرها كذلك بل إخبار عن الله بحكم عموما أو خصوصا والحكم إلزام خاص وإطلاق خاص في واقعة خاصة متعلقة بأمر المعاش فيما يقع فيه الخصومة بين العباد مطابقة لحكم الله سبحانه في نظر المجتهد فيها فالحاكم والقاضي والمفتي مختلف بالاعتبار كالمجتهد والفقيه فباعتبار أنه يستخرج حكم الشئ من الدليل مجتهد وباعتبار أنه عالم بالحكم من الدليل ولا ظنا لا بالعلم القطعي ولو بتعين العمل فقيه وباعتبار أنه يلزم ويطلق لآحاد البرية بالأحكام الشخصية حاكم وباعتبار أنه مخير عما علمه بالدليل كليا أو جزئيا مفت وباعتبار ولايته على المولى عليهم وتسلطه على العباد في إقامة الحق وإبطال الباطل قاض ويحتمل ترادف القضاء والحكم فالقاضي والحاكم بمعنى
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»