وقلة قوة وضعفا قدم الأول على الثاني كما يقدم على سفر الحج لو عارضه وكيف بأسفار الزيارات وغيرها من المندوبات وإن تساويا تخيروا والأحوط تقديم النصح مع احتمال التأثير على المقاتلة ولا يبعد التعيين حينئذ ويجوز صرف سهم سبيل الله في الزكاة فيما يحتاج إليه في دفعهم عن المسلمين بل جميعها نظرا إلى عدم لزوم البسط وصرف جميعها في سهم واحد لكن لو أعطي بأحد اعتبر فيه الحاجة فيما يتعلق بأمر الدفاع وإن لم يحتج في مؤنة نفسه وعياله الواجب نفقتهم عليه وكذا ما لو أوصى بصرفه في سبيل الله أو الخيرات أو وقف أو نذر أو حلف أو عهد عليه بل لا يجوز مما يعد لمصالح المسلمين بل يتعين على كل من تمكن من صرف المال فيه أن يصرفه وإن كان عاجزا عن المقاتلة هداية الرباط ويسمى المرابطة إرصاد لحفظ الثغر وفيه فضل عظيم وثواب جزيل ولا سيما فيما كان منه أشد خطرا وخوفا ففي النبوي رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه فإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان وأقله ثلاثة أيام وأكثره أربعون وما تجاوز عنه فبالجهاد محسوب ثوابه ويستحب مطلقا ولو في زمان الغيبة لكن مع حضور الإمام آكد ولا يبتدأ بالقتال ولو ابتدأوا قاتلهم ويقصد بذلك الدفع عن نفسه وعن أهل الإسلام ولا يقصد به الجهاد ولو عجز عن المرابطة بنفسه جاز أن يربط فرسه أو غلامه هناك بل مطلقا ولو نذرها وجب الوفاء بها ولو في حال الغيبة وكذا لو آجر نفسه ولا يجب رد الأجرة إلى المالك إن وجده وإلا فإلى الوارث وإلا لزمه الوفاء به كما لا يجب لو كان الأخذ على وجه الجعالة ولو نذر شيئا للمرابطين وجب الوفاء به وإن لم ينذره ظاهرا ولم يخف الشنعة بتركه ولا يجوز صرف ذلك في غيرها من وجوب البر مطلقا وليس لهم حق مالي مخصوص شرعا يجب انتزاعه من المسلمين نعم يجوز صرف ما لسبيل الله من الزكاة بل مطلقا والموصى لهم والموقوف عليهم والمنذور وشبهه لهم ويستحب لهم أن لا ينقلوا أهلهم وذراريهم إلى الثغور المخوفة ولو ظن التلف أو الضرر قوي الحرمة المنهج الثاني فيمن يجب جهاده هداية يجب جهاد الحربي وهو من ليس له كتاب ولا شبهة كتاب وهو من عدا اليهود والنصارى والمجوس من ساير أصناف الكفار حتى الصابئين سواء اعتقد معبودا غير الله سبحانه كالشمس والوثن والنجوم أو لم يعتقد كالدهري عربيا كان أو عجميا وأهل الكتاب ومن له شبهته وهم اليهود والنصارى والمجوس إذا لم يدخلوا في أهل الذمة والبغاة من أهل الإسلام على إمام المسلمين ويجب القتال في الأول حتى يسلموا أو يقتلوا ولا يقبل منهم الجزية مطلقا ولو كان لهم كتاب كصحف إبراهيم وآدم وإدريس وزبور داود وفي الثاني حتى يقتلوا أو يسلموا أو يتذمموا وفي الثالث حتى يفيئوا أو يقتلوا ويشترط في الأولين الدعوة إلى الإسلام وإظهار الشهادتين والإقرار بالتوحيد والعدل والتزام جميع شرايع الإسلام فإن امتنعوا حل جهادهم ويجزي من الإمام أو من يأمره وفي غيره خلاف ويسقط الدعوة عمن قوتل بها لكن الأفضل الدعوة مطلقا وفي الثاني أن يلتزموا بشرايط الذمة فإن التزموا لم يجز قتالهم وإلا حل وفي الثالث كثرتهم بحيث يكونون في منعة لا يمكن كفهم ولا تفريق جمعهم إلا باتفاق وتجهيز جيش وقتال فلا يعم الحكم القليل كابن ملجم وزيد أن يكون لهم تأويل وإلا فحكمهم حكم المحارب وانفرادهم عن الإمام ببلد أو بادية وخروجهم عن قبضته ويجوز المهاونة لو اقتضتها المصلحة ولو بدفع المال عند الضرورة لكن لا يتولاها غير الإمام أو نايبه هداية يشترط في التذمم أن يقبلوا
(١٨٤)