الإنسان مع مقتضى السبب الغالب.
نعم شتان بين (العلم العادي) الذي يحجز صاحبه عن ارتكاب الرذائل و (العلم المفاض من الله) سبحانه إلى أوليائه، فإن العلم المفاض سبب علمي غير مغلوب البتة، ولو كانت من قبيل ما هو متعارف من أقسام الوعي والعلم، ومن الأنواع المألوفة من الشعور والإدراك، لتسرب إليه التخلف، فهذا العلم الذي يصون حامله عن ارتكاب المعاصي والخطايا، يغاير سائر العلوم والإدراكات العادية المألوفة التي تحصل بالاكتساب والتعلم، ولعله إلى ذلك يشير سبحانه بقوله " وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم " (1).
فإن قوله " وعلمك ما لم تكن تعلم " بقرينة عطفه على نزول الكتاب والحكمة، يفيد أن للنبي علما مفاضا منه سبحانه مضافا إلى العلم والحكمة اللذين أنزلا عليه.
ويؤيده أن مورد الآية هو قضاء النبي صلى الله عليه وآله في الحوادث الواقعة والدعاوي التي يقضي فيها النبي بعلمه الخاص، وليس في ذلك شئ من الكتاب والحكمة.
من كل هذا تبين أن هذه الموهبة الإلهية التي نسميها بالعصمة نوع من العلم والشعور يغاير سائر أنواع العلم في أنه غير مغلوب لشئ من القوى الشعورية بل هو الغالب القاهر على سائر القوى المستخدمة إياه ولأجل ذلك فإن العصمة - بهذا المعنى - تصون صاحبها، وتمنعه