إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٧٦
وقد قتلتا فلا تأكل فإنك لا تدري أنهما قتله الحديث وهذا يدل بصريحه على حلية الأكل من الصيد إذا قتله الكلب والمراد من التكليب في الآية التعليم والتعليم لا يوجب أن لا يقتل الصيد لأن الصيد قد نقلت عنه إن لم يقتل بل المراد أن لا يأكل منه وهذا الرجل بهذا الفهم والعلم في الحديث وفي معاني كتاب الله ينسب مثل الشافعي بالخطأ انتهى وأقول مراد المصنف قدس سره أنه لا يجوز أكل ما صاده الجوارح بنفسه قبل التعليم والقرينة عليه ما ذكره من قول الفقهاء الثلاثة أنه يجوز بجميع ذلك إذا أمكن تعليمه فإنه صريح في الجواز قبل التعليم ولهذا أيضا قال ما صاده شئ من الجوارح ولم يقل ما صيد بشئ من الجوارح فافهم وحاصل استدلال المصنف بالآية أنها دالة على اشتراط التعليم بالفعل وحين إرادة الصيد فلا يكفي إمكان التعليم كما ذهب إليه الثلاثة وبهذا ظهر سوء فهم الناصب الشقي واعوجاج فطرته وانعكاس ما أتى به من التشنيع إليه وإلى أئمته والحمد لله تعالى قال المصنف رفع الله درجته ج ذهبت الإمامية إلى أنه لا يحل أكل السمك إذا مات حتف أنفه وقال مالك لا يحل حتى يقطع رأسه وقد خالف قوله (ص) أحلت لكم ميتان ودمان فالميتان السمك والجراد انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يحل الميتة من السمك والجراد للحديث وإن صح ما رواه عن مالك فلعله لعدم صحة الحديث عنده فعمل بالأصل انتهى وأقول إن المصنف قدس سره إنما نقل هذه الأقوال ونظايرها من كتب قدماء أصحاب الفقهاء الأربعة ككتاب اختلاف الفقهاء للطحاوي الشافعي ثم الحنفي ونحوه من المطولات وهذه الكتب مما لا يحضرنا الآن في ديار الغربة حتى نذكر جميع ما تردد الناصب في صحة ما نسبه المصنف إلى قائله والمتتبع يعلم أن أمثال هذا المتاع السقط غير قليل في سوق حماقتهم ودكان فقاهتهم حتى يحتاج الطاعن عليهم إلى الافتراء والكذب عليهم وإن بالغ بعض الناظرين في إنكار ذلك فلنذكر له مقام ما ذكره المصنف عن مالك ما صح عن أبي حنيفة إمامهم الأعظم أقوالا يذهل بها أولياء الناصب الهالك عن قباحة ما نسبه المصنف إلى مالك فنقول قال ابن حزم في كتاب المحلى قال أبو حنيفة وأصحابه يحل أكل ما مات من السمك وما جزر عنه الماء ما لم يطف على الماء مما مات في الماء حتف أنفه خاصة ولا يحل أكل ما طفا منها قالوا فإن ضربه حوت فقتله أو ضربه طائر فقتله أو ضربته صخرة فقتلته فطفا بعد كل ذلك فهو حلال أكله وقال محمد بن الحسن الشيباني في سمكة ميتة بعضها في البر وبعضها في الماء إن كان الرأس وحده خارج الماء أكلت وإن كان الرأس في الماء نظر فإن كان الذي في البر مؤخرها النصف فأقل لم يحل أكلها وإن كان الذي في البر أكثر من النصف حل أكلها وهذه أقوال لا نعلم عن أحد من أهل الإسلام قبلهم وهي مخالفة للقرآن والسنن ولأقوال العلماء وللقياس وللمعقول لأنها تكليف ما لا يطاق مما لا سبيل إلى علمه هل ماتت وهي طافية فيه أو ماتت قبل أن يطفو وماتت من ضربة حوت أو من صخرة مهدمة أو من حتف أنفها ولا يعرف هذا إلا الله تعالى أو ملك موكل وما ندري لعل الجن لا سبيل لها إلى معرفة ذلك أم يمكنها علم ذلك لأن فيهم غواصون بلا شك قال تعالى والشياطين كل بناء وغواص ثم لا بد للسمكة التي يشرع فيها محمد بن الحسن هذه الشريعة السخيفة من مساح ومذرع يذرع ما منها خارج الماء وما منها داخل الماء ثم ما يدريه الناس لعله كان أكثرها في الماء ثم أوارتها الأمواج فيا لله وللمسلمين لهذه الحماقات التي لا تشتبه إلا ما يتطائب به المجان لإضحاك سخفاء الملوك والله المستعان وأما ما احتمله الناصب من عدم صحة الحديث المذكور عند مالك ففيه أنه أصح وأشهر من أن يعذر منكره ولا نسلم أن الأصل في حل السمك قطع رأسه وكيف يدعي هذا مع عدم اعتباره في حل البعير وما قتله الجوارح والسهام نعم لو كان الغالب في تحقق الحلية قطع الرأس لكان لدعوى الأصالة في ذلك وجه وليس فليس قال المصنف رفع الله درجته ذهبت الإمامية إلى استحباب الصلاة على النبي (ص) وأن يقول اللهم تقبل مني هذه الذبيحة وقال أبو حنيفة يكره ذلك كله وقد خالف عموم يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقوله ورفعنا لك ذكرك أي لا أذكر ألا تذكر معي وروي أن جبرئيل (ع) قال للنبي (ص) إن الله تعالى يقول من صلى عليك مرة صليت عليه بها عشرا وقال (ع) على ذبيحة بسم الله اللهم تقبل من محمد وال محمد ومن أمة محمد انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لا يكره الصلاة على النبي (ص) عند الذبح بل يستحب ذكره وعند أبي حنيفة أنه يكره واستدل عليه بما روى البيهقي أن النبي (ص) قال موطنان لا أذكر فيهما عند ذبيحة وعند العطاس والحديث عند الشافعي ضعيف انتهى وأقول بل الحديث موضوع ومع كونه موضوعا مدفوع بعموم الآية والأحاديث الأخر فلا يصلح مخصصا لعمومها أصلا وهو ظاهر قال المصنف رفع الله درجته ه‍ ذهبت الإمامية إلى أن المضطر إلى الميتة لا يجوز له الشبع منها وقال مالك يجوز وقد خالف قوله تعالى فمن اضطر وهذا غير مضطر إليه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه حيث يجب الأكل من الميتة للاضطرار يكل ما يسد الرمق ولا تحل الزيادة على الشبع ولا الشبع إن كان في بلد وتوقع الحلال قبل عود الضرورة وإن لم يتوقع أو كان في بادية وخاف أن لا يتقوى على قطعها لو لم يشبع فله الشبع وقيل إن لم يتوقع اقتصر على سد الرمق ووجه ما ذهب إليه مالك أن المراد من الأكل الشبع لأنه يوجب القوة دون سد الرمق انتهى وأقول إن العرف واللغة لا يساعدان على كون المراد من الأكل الشبع بل الشبع مذموم عند العقلاء فضلا عن الفضلاء وكون الشبع موجبا للقوة لا يقتضي كون معنى الأكل الشبع بل ما نحن فيه من الاضطرار يقتضي الاقتصار على قدر الضرورة وهو سد الرمق كما لا يخفى ثم في ما نقله عن إمامه الشافعي من أنه إذا كان في بادية وخاف أن لا يتقوى على قطعها لو لم يشبع إهمال وإخلال لظهور أنه يمكن دفع ذلك الخوف بدون الشبع بأن يحمل معه قطعة من الميتة مثلا ويأكل منها في الطريق عند ظهور ضعفه إلى سد الرمق مرة بعد أخرى قال المصنف رفع الله درجته الفصل السادس عشر في الأيمان و توابعها وفيه مسايل ا ذهبت الإمامية إلى أنه إذا حلف لا أكلت طيبا ولا لبست ناعما لم ينعقد وقال أبو حنيفة المقام عليها طاعة ولازم وقد خالف قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم وقوله تعالى وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 » »»