مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١٠٣
فصل (علم آل محمد للغيب) وهنا إننا نورد في هذا الفصل شمة من أسرار الأئمة الهداة والبررة السادات، والميامين الولاة، ونطقهم بالمغيبات، وإظهارهم الكرامات وإبرازهم الخفيات، توبيخا لأهل الجهالات، الذين أنكروا هذه الحالات، ومنعوا هذه الصفات، وزعموا أنهم من العداة.
وكيف لا يطلعون على الغيب (1)؟

(١) إن الذي يدعي علم الغيب للإمام والنبي: لا يدعيه على نحو الاستقلالية، بل يدعي أن الله أطلع نبيه وأهل بيته على الأمور الغيبية التي لم يطلع عليها أحد.
وإن شئت قلت: علم الغيب لذات، الشخص وبلا توسط من الغير هو العلم الثابت لوجوب الوجود والذي هو عين الذات، وهذا مختص بالله ولغيره كفر أما العلم بالغيب الذي هو بتوسط الله تعالى وليس هو عين الذات، فهذا الذي علمته الأئمة ورسول الله ص وعليه دلت الآيات والروايات:
فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: (والله لقد أعطينا علم الأولين والآخرين) فقال له رجل من أصحابه: (جعلت فداك أعندكم علم الغيب؟
فقال له عليه السلام: (ويحك إني أعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء، ويحكم وسعوا صدوركم ولتبصر أعينكم ولتع قلوبكم، فنحن حجة الله تعالى في خلقه ولن يسع ذلك إلا صدر كل مؤمن قوي قوته كقوة جبل تهامة إلا بإذن الله، والله لو أردت أن أحصى لكم كل حصاة عليها لأخبرتكم) (بحار الأنوار: ٢٦ / ٢٨ ح ٢٨ باب جهات علومهم عن مناقب آل أبي طالب: / ٣ / ٣٧٤).
وقال رسول الله ص لعلي: (إن الله أطلعني على ما شاء من غيبه وحيا وتنزيل وأطلعك عليه إلهاما) (مشارق أنوار اليقين: ١٣٥ - ١٣٦ و ٢٥ وفي بحار الأنوار: ٢٦ / ٤ ح ١: (أنا صاحب اللوح المحفوظ ألهمني الله علوم ما فيه).
وقيل لأبي جعفر عليه السلام.
إن شيعتك تدعي أنك تعلم كيل ما في دجله. وكانا جالسين على دجله.
فقال له أبو جعفر عليه السلام: (يقدر الله عز وجل أن يفوض علم ذلك إلى بعوضة من خلقه؟) قال نعم.
فقال عليه السلام: (أنا أكرم على الله من بعوضه) ثم خرج. (إثبات الوصية: ١٩١ - ١٩٢).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبه يوصف فيها الإمام: (فهو الصدق والعدل. يطلع على الغيب ويعطي التصرف على الإطلاق) (بحار الأنوار: ٢٥ / ١٧٠ ح ٣٨ ومشارق الأنوار اليقين: ١١٥).
وقال الإمام الصادق عليه السلام: (يا مفضل من زعم أن الإمام من آل محمد يعزب عنه شئ من الأمر المحتوم فقد كفر بما نزل على محمد، وإنا لنشهد أعمالكم ولا يخفى علينا شئ من أمركم، وأن أعمالكم لتعرض علينا، وإذا كانت الروح وارتاض البدن أشرقت أنوارها، وظهرت أسرارها وأدركت عالم الغيب) (مشارق أنوار اليقين: ١٣٨).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: (والله لو شئت أن أخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولكه وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ألا وإني مفضيه إلى الخاصة) (نهج البلاغة: ٢٥٠ الخطبة ١٧٥).
وقالت عائشة للإمام الحسن عليه السلام بعد أن أخبرها بما فعلته يوم وفاة الأمير ولم يطلع عليه أحد سواها: يا ابن خبوت جدك وأبوك في علم الغيب، فمن ذا الذي أخبرك بهذا عني!! (الهداية الكبرى: ١٩٧ - ١٩٨، ذيل الباب الرابع) وعندما أخبرها بخفايا ضميرها وما أخبرها به رسول الله صلى البله عليه وآله وسلم من حربها الأمير عليه السلام قالت: جدك أخبرك بذلك أم هذا من غيبك؟!
قال عليه السلام: (هذا من علم الله وعلم رسوله وعلم أمير المؤمنين) (الهداية الكبرى: ١٩٧ - ١٩٨، ذيل الباب الرابع) وقال الإمام الحسن العسكري عليه السلام لمن سأله عن القائم المنتظر عجل الله فرجه: (ألسنا قد قلنا لكم لا تسألونا عن علم الغيب فنخرج ما علمنا منه إليكم فيسمعه من لا يطيق استماعه فيكفر) (الهداية الكبرى: ٣٣٤ باب ١٣).
وعن الإمام زين العابدين عليه السلام (ألا إن للعبد أربع أعين: عينان يبصر بهما أمر دينه ودنياه وعينان يبصر بهما أمر آخرته، فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح له العينين في قلبه فأبصر بهما الغيب في أمر آخرته (وأمر آخرته) (الخصال: ١ / ٢٤٠ ح ٩٠ باب الأربعة).
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال بلفظ: (ما من عبد إلا وفي وجهه عينان يبصر بهما أمر دينه ودنياه، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة، فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح له العينين في قيبه فأبصر بهما ما وعده بالغيب، فآمن بالغيب على الغيب) (كنز العمال: ٢ / ٤٢ ح ٣٠٤٣).
وفي قصة أبي يوسف ومحمد بن الحسن صاحبي أبي حنيفة ما يؤجد علم الإمام الكاظم عليه السلام للغيب حيث قال أحدهما لصاحبه: جئنا لنسأله عن الفرض والسنة وهو الآن جاء بشئ من علم الغيب.
فسألناه: من أين أدركت أمر هذا الرجل الموكل بك إنه يموت في هذه الليلة؟
قال الإمام عليه السلام (من الباب الذي أخبر بلعنه رسول الله علي بن أبي طالب عليه السلام) (الخرايج والجرايح: ٢٨٧ - ٢٨٨ الباب الثامن) وأيضا في قصة إخبار الإمام الرضا عليه السلام ابن هذاب بما يجري عليه ما يزيل الشك في الباب حيث قال عليه السلام له: (إن أخبرتك أنك ستبلى في هذه الأيام بذي رحم لك كنت مصدقا لي؟) قال: لا، فإن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى.
قال عليه السلام: (أوليس الله يقول: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) فرسول الله ص عند الله مرتضى، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما يشاء من غيبه، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وإن الذي أخبرتك يا ابن هذاب لكائن إلى خمسة أيام، فإن لم يصح ما قلت فبهذه المدة، وإلا فإني كذاب مفتر، وإن صح فتعلم أنك الراد على الله وعلى رسوله.
ولك دلالة أخرى فتصاب ببصرك وتصير مجفوفا فلا تبصر سهلا ولا جبلا وهذا كائن بعد إيام.
ولك عندي دلالة أخرى إنك ستحلف يمينا كاذبة فتضرب بأبرص) قال محمد بن الفضل: بالله لقد نزل ذلك كله بابن هذاب (الخرايج والجرايح: ٣٠٦ الباب التاسع) * أقول: هذه رواية صريحة في علمهم للغيب لا ينكرها إلا ناصبي.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له: (والإمام يا طارق بشر ملكي وجسد سماوي، وأمر إلهي وروح قدسي، ومقام علي ونور جلي وسر خفي، فهو ملك الذلت إلهي الصفات، زائد الحسنات عالم بالمغيبات: خصا من رب العالمين ونصا من الصادق الأمين ) (بحار الأنوار: ٢٥ / ١٧٢ ح باب جامع في صفات الإمام).
وعن أبي جعفر الجواد عليه السلام لما أخبر أم الفضل بنت المأمون بما فاجأها مما يعتري النساء عند العادة.
قالت له: لا يعلم الغيب إلا الله.
قال عليه السلام: (وأنا أعلمه من علم الله تعالى) الإرشاد إلى ولاية الفقيه: ٢٥٤..
* أقول: وهذه رواية أخرى تنص على علمهم للغيب فلا تغفل وأزل الشك من قلبك.
وفي خطبة لأمير المؤمنين يذكر فيها صفات الإمام جاء فيها: (ويلبس الهيبة وعلم الضمير، ويطلع على الغيب ويعطي التصرف على الإطلاق) مشارق أنوار اليقين: ١١٥..
هذا إضافة إلى روايات أخبارهم بأمور غيبية جزئية ليس هنا محل ذكرها.
وقال تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) الجن: ٢٦.
قال الإمام الرضا عليه السلام لعمرو بن هذاب عندما نفي عن الأئمة عليهم السلام علم الغيب محتجا بهذه الآية: (إن رسول الله هو المرتضى عند الله، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على غيبه فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة) (بحار الأنوار: ١٢ / ٢٢ و ١٥ / ٧٤).
وقال أبو جعفر عليه السلام: (إلا من ارتضى من الرسول) وكان والله محمد ممن ارتضاه) الإرشاد إلى ولاية الفقيه: ٢٥٧، وقريب منه في الخرايج والجرايح: ٣٠٦).
وقالا: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك - تلك من أنباء الغيب نوحيه إليك) هود: ٤٩، آل عمران: ٤٤، يوسف: ١٠٢.
وقال: (وعلمك ما لم تكن تعلم) وهي عامة.
(وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) يس: ١٢ والإمام المبين هو أمير المؤمنين علي عليه السلام (ينابيع المودة: ١ / ٧٧ ط. إسلامبول و ٨٧ ط. النجف، وتفسير نور الثقلين: ٤ / ٣٧٩ مورد الآية والهداية الكبرى: ٩٨ الباب الثاني والأنوار النعمانية: ١ / ٤٧ و: ٢ / ١٨).
وقال تعالى: (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) يونس: ٦١، وسبا ٣٦ وقال عز من قائل: وكل شئ أحصيناه كتابا النبأ: ٢٩. وهم الكتاب المبين (ينابيع المودة:
١ / ٨١ ط. النجف و ١ / ٧١ ط. تركيا ومشارق أنوار اليقين: ١٣٦).
وقال تعالى: ورحمتي وسعت كل شئ الأعراف: ١٥٦.
فروي عن الإمام الباقر عليه السلام في تفسيرها: (علم الإمام، ووسع علمه الذي هو من علمه كل شئ) (نور الثقلين: ٢ / ٧٨ ح ٢٨٨ عن الكافي).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: (أنا رحمة الله التي وسعت كل شئ) (الهداية الكبرى: ٤٠٠).
(١٠٣)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (2)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (3)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (6)، الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام (2)، الإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبى عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله (3)، كتاب الخرائج والجرائح للقطب الراوندي (2)، علم المعصوم (1)، كتاب إثبات الوصية للمسعودي (1)، كتاب مشارق أنوار اليقين للحافظ رجب البرسي (3)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (2)، كتاب مناقب آل أبي طالب عليه السلام (1)، يوم القيامة (2)، كتاب الهداية الكبرى (3)، كتاب ينابيع المودة (1)، مدينة النجف الأشرف (2)، كتاب نهج البلاغة (1)، كتاب بحار الأنوار (4)، المتقي الهندي (1)، تركيا (1)، محمد بن الحسن (1)، محمد بن الفضل (1)، الصدق (2)، الموت (1)، الحج (1)، الفدية، الفداء# (1)، الوفاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 106 108 109 110 111 ... » »»