استباحوهم، يسفكون دماءهم ويملؤون قلوبهم رعبا، فلا تراهم إلا خائفين مرعوبين، فعندها يؤتى بشئ من المشرق وشئ من المغرب، فالويل لضعفاء أمتي منهم والويل لهم من الله، لا يرحمون صغيرا ولا يوقرون كبيرا، قلوبهم قلوب الشياطين، فعندها يلتقي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ويغار على الغلام كما يغار على الجارية في بيت أهلها، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وتعلو الفروج السروج، فعلى أولئك من أمتي لعنة الله، فعندها تزخرف المساجد والمصاحف، وتعلى المنابر وتكثر الصفوف، قلوب متباغضة، وألسن مختلفة، فعندها تحلى ذكور أمتي بالذهب، ويلبسون الحرير والديباج ويظهر الربا ويتعاملون بالرشوة، ويستعملون الغيبة، فعندها يكثر الطلاق، فلا يقام لله حد فعندها يحج ملوك أمتي للنزهة، وتحج أوساطهم للتجارة، وتحج فقراؤهم للرياء والسمعة، فعندها يتعلمون القرآن لغير الله ويتخذونه مزامير ويتفقهون للجدال، ويكثر أولاد الزنا ويعفون بالقرآن، ويتهافتون على الدنيا، فإذا انتهكت المحارم، واكتسبت المآثم، سلط الأشرار على الأخيار، فهنالك يفشو الكذب، ويتهافتون في اللباس ويمطرون في غير أوان المطر، وينكرون الأمر بالمعروف في ذلك الزمان حتى يكون المؤمن أذل من الأمة، وتظهر قراؤهم فيما بينهم التلاوة والعداوة، أولئك يدعون في ملكوت السماء الأرجاس والأنجاس فهناك يخشى الغني من الفقير أن يسأله، ويسأل الناس في محافلهم فلا يضع أحد في يده شيئا فعندها يتكلم من لم يكن متكلما فلم يلبثوا هناك إلا قليل حتى تخور الأرض خورة حتى يظن كل قوم أنها خارت في ناحيتهم، ثم يمكثون ما شاء الله، ثم يمكثون في مكثهم فتلقى لهم الأرض أفلاذ أكبادها ذهبا وفضة، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضة (1).
ومن ذلك من إخباره بالغيب أنه مسح التراب عن وجه عمار بن ياسر يوم الخندق وقال:
تقتلك الفئة الباغية (2).
وقال لأبي ذر: كيف أنت إذا طردت ونفيت وأخرجت إلى الربذة (3)؟