واجعلوا لنا ربا نؤوب إليه، وقولوا فينا ما استطعتم (1) وذاك كما قيل:
جنبوهم قول الغلاة وقولوا * ما استطعتم في فضلهم أن تقولوا فإذا عدت سماء مع الأرض * إلى فضلهم فذاك قليل وعنهم عليهم السلام، أنهم قالوا: كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا (2)، فإنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه قرابة. ألا من ائتم بإمام فليعمل بعمله، فما معنا براءة من النار، وليس لنا على الله من حجة فاحذروا المعصية لنا والمغالاة فينا، فإن الغلاة شر خلق الله يصغرون عظمة الله ويدعون الربوبية لعباد الله، والله إن الغلاة شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا، وإلينا يرجع الغالي فلا نقبله لأن الغالي اعتاد ترك الصلاة والزكاة والصوم، فلا يقدر على ترك عادته وبنا يلحق المقصر فنقبله لأن المقصر إذا عرف عمل.
وعنهم عليهم السلام أنهم قالوا: نزهونا عن الربوبية وارفعوا عنا حظوظ البشرية (3) - يعني الخطوط التي تجوز عليكم - فلا يقاس بنا أحد من الناس (4)، فإنا نحسن الأسرار الإلهية لمودعة في الهياكل البشرية، والكلمة الربانية الناطقة في الأجساد الترابية، وقولوا بعد ذاك ما استطعتم فإن البحر لا ينزف، وعظمة الله لا توصف.
فيا أيها الواقف بين جدران التقليد، تنظر إلى الحق من بعيد، أما بلغك أن النبي صلى الله عليه وآله حن الجذع اليابس إليه، وقبل البعير قدميه، وانشق لعظمته القمر ونبع الماء الطاهر من بين يديه وانهمر، واخضر العود اليابس في يديه وأثمر (5)، وكان يرى من خلفه كما يرى بين يديه إذا نظر (6)، ولا ينام قلبه لنوم عينيه (7)، ولا يؤثر في الرمل وطء قدميه، ويؤثر في الحجر، وكان يظله الغمام إذا سار وسفر (8)، وركب البراق فاخترق السبع الطباق في أقل من لمح البصر، الجوهر الشفاف