مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١١٠
وقام من مجلسه (1).
ومن ذلك من خواص مولده صلى الله عليه وآله ما نزل في الإنجيل: يا عيسى جد في أمري ولا تهزل، واسمع وأطع يا بن الطهر البتول، خلقتك من غير فحل آية للعالمين، فإياي فاعبد وعلي فتوكل، خذ الكتاب بقوة فبشر لأهل سوريا بالسريانية، تلمح من بين يديك أني أنا الله الدائم، صدقوا النبي الأمي صاحب الجمل، والدرع والتاج، وهي العمامة، والبغل والهراوة، وهي القضيب الأكحل العين، الصلت الجبين الواضح الخدين الأقنى الأنف المفلج الثنايا كأن عنقه إبريق فضة كأن الدهن يجري في تراقيه، أسمر اللون إذا مشى فكأنما ينقلع من صخر وينحدر من صبب، عرقه في وجهه كاللؤلؤ أو ريح المسك، لم ير مثله أو بعده مثله، نكاح النساء قليل النسل وإنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، يكفلها في آخر الزمان كفل زكريا أمك لها فرخان يستشهدان، كلامه القرآن، ودينه الإسلام، وأنا السلام، طوبى لمن أدرك زمانه، وسمع كلامه (2).
ومن ذلك ما رواه ابن عباس عنه من نطقه بالغيب وإخباره بالملاحم، قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع فجاء حتى أخذ بحلقة باب الكعبة ثم أقبل علينا بوجهه وهو كالشمس في الضحية ثم قال: ألا أخبركم بأشراط الساعة؟ فقلنا: بلى يا رسول الله، فقال: إن من أشراط الساعة إضاعة الصلاة، واتباع الشهوات، وتعظيم المال، وبيع الدين بالدنيا فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الملح في الماء، مما يرى من المنكر فلا يستطيع إنكاره، فقال سلمان: وكل هذا كائن يا رسول الله؟ فقال: إي والذي نفس محمد بيده، فعندها يليهم من الأمراء الجور والوزراء الفسق، والعرفاء الظلم، والأمناء الخيانة، فعندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا، ويصدق الكاذب ويكذب الصادق، وتتأمر النساء وتشاور الإماء وتعلو الصبيان المنابر، ويكون الفجور طرفا، والزكاة مغرما والغي مغنما، ويجفو الرجل والديه ويبر (3) صديقه، ويطلع الكوكب المذنب فعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة، ويكون المطر قضا فإذا دخلت السوق فلا ترى إلا ذاما لربه، هذا يقول: لم أبع شيئا، وهذا يقول: لم أربح شيئا، فعندها يملكهم قوم إن تكلموا قتلوهم، وإن سكتوا

(١) الحديث بطوله في البحار: ١٥ / ٢٦١ ح ١٢ مع تفاوت ببعض الألفاظ.
(٢) بحار الأنوار: ١٤ / 284 ح 6، وفيه تفاوت ببعض الألفاظ مثلا بدل الدهن الذهب.
(3) في المطبوع يئر وجاء في نسخة خطية: يبر.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 106 108 109 110 111 112 113 115 116 ... » »»