(الفصل الأول): في أسرار النبي المصطفى وبعده آله الذين اصطفى.
فمن ذلك أسرار مولده: رواه زياد بن المنذر عن ليث بن سعيد قال: قلت لكعب الأحبار وهو عند معاوية، كيف تجدون صفة مولد النبي صلى الله عليه وآله؟ وهل تجدون لعترته فضلا؟ فالتفت إلى معاوية لينظر كيف هو فأنطقه الله فقال: هات يا أبا إسحاق، فقال كعب: إني قرأت اثنين وسبعين كتابا نزلت من السماء، وقرأت صحيفة دانيال ووجدت في الكل مولده ومولد عترته، وإن اسمه لمعروف، ولم يولد نبي نزلت عليه الملائكة قط ما خلا عيسى وأحمد، وما ضرب على آدمية حجب الجثة غير مريم وآمنة، وكان علامة حمله أن نادى مناد في السماء في الليلة التي حملت به آمنة عليها السلام:
أبشروا يا أهل السماء، فقد حمل الليلة بأحمد، وفي الأرض كذلك حتى في البحور، وما بقي يومئذ في الأرض دابة تدب ولا طائر يطير، إلا وعلم بمولده صلى الله عليه وآله، ولقد بني في الجنة ليلة ولادته سبعون ألف قصر من ياقوت أحمر، وسبعون ألف قصر من اللؤلؤ الرطب، وسميت قصور الولادة، وقيل للجنة:
اهتزي وازيني، فإن نبي أولئك قد ولد، فضحكت الجنة يومئذ فهي ضاحكة إلى يوم القيامة، وبلغنا أن حوتا من حيتان البحر يقال له طموسا وهي سيدة الحيتان، لها سبعمائة ألف ذنب تمشي على ظهور سبعمائة ألف ثور، الواحد أكبر من الدنيا، لكل ثور منها سبعمائة ألف قرن من زمرد أخضر اضطرب فرحا لمولده، ولولا أن الله تعالى ثبته لجعل عاليها سافلها، وبلغنا يومئذ أنه ما بقي جبل إلا لقي صاحبه بالبشارة ويقول: لا إله إلا الله، ولقد خضعت الجبال كلها لأبي قبيس كرامة لمحمد صلى الله عليه وآله، ولقد قدست الأشجار أربعين يوما بأغصانها، وأزهارها وثمارها، فرحا بمولده، ولقد ضرب بين السماء والأرض سبعون عمودا من نور، ولقد بشر آدم بمولده فزاد في حسنه سبعين ضعفا، ولقد بلغني أن الكوثر اضطرب فرحا وطمأ ملؤه حتى رمي ألف قصر من قصور الجنة من الدر والياقوت نثارا لمولده، ولقد زم إبليس وسبل وألقي في الحفير أربعين يوما، ولقد تنكست الأصنام كلها وصاحت، وسمعوا صوتا من الكعبة يقول:
يا قريش جاءكم البشير، جاءكم النذير، معه عمر الأبد، والرمح الأكبر، وهو خاتم الأنبياء، ونجد في الكتب أن عترته خير البشر، ولا تزال الناس في أمان من العذاب ما دامت عترته في الدنيا، فقال معاوية: يا أبا إسحاق ومن عترته؟ فقال: من ولد فاطمة، فعبس معاوية وجهه، وعض على شفته،